لا شك أن قضية الأمن من القضايا التي شغلت الأفراد والدول لما لها من آثار على الاقتصاد، ولذا جاء اهتمام الدول بالأمن وخاصة الأمن الاقتصادي، خاصة لارتباطه بالأنشطة الحياتية وبإدارة ثروات الدول، وعلاقته المباشرة في تحديد دخل الأفراد ومستوى معيشتهم، بل إن الأمن الاقتصادي أصبح أحد المكونات الأساسية في منظومة الدفاع الوطني، بمعنى أنه إذا لم يتوافر الأمن الاقتصادي لأي دولة فإن هذه الدولة تصبح دولة هشة، ذلك أن المفهوم الحديث للدفاع الوطني أصبح يستند إلى ثلاثية تشكل النماذج الجديدة للدفاع، والتي تتمثل في الأمن الاقتصادي، الأمن المدني، الأمن العسكري.
وإذا كان للأمن الاقتصادي هذه الأهمية فإنه يلعب دورا كبيرا في تحقيق المستوي المعيشي الأمثل للأفراد من خلال اهتمامه بتحقيق الأمن الغذائي والصحي والبيئي، وحسن استغلال الثروات والموارد الطبيعية، وتوافر فرص العمل ومكافحة الفقر، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعدالة في توزيع الدخل والثروة.
ولذا فسوف نتناول هذه الدراسة في مبحثين، نتناول في المبحث الأول ماهية كل من الأمن الاقتصادي والمستوى المعيشي في الفكر الاقتصادي وذلك من خلال مطلبين المطلب الأول تم تخصيصه لبيان مفهوم الأمن الاقتصادي، والمطلب الثاني لبيان مفهوم المستوى المعيشي، ثم في المبحث الثاني خصصناه لبيان مكونات الأمن الاقتصادي ودورها في تحقيق المستوى المعيشي الأمثل، وذلك في خمس مطالب، وضحنا في المطلب الأول كيفية توفير الأمن الغذائي والصحي والبيئي، ثم في المطلب الثاني بيان كيفية الاستغلال الأمثل للثروات والموارد الطبيعية، ثم في المطلب الثالث بيان ضرورة توافر فرص العمل ومكافحة الفقر، ثم في المطلب الرابع كيفية تحقيق العدالة في توزيع الدخل والثروة ، ثم في المطلب الخامس بيان كيفية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.