تعد الأحكام القضائية أهم السندات التنفيذية وجوداً وأكثرها شيوعاً علي الإطلاق، وانطلاقاً من هذا المنطلق المهم، يعمل المشرع جاهداً على تحقيق الفاعلية اللازمة لها بضمان تنفيذها في أقرب وقت ممكن، وضمان إزالة العقبات التي تعرقل هذا التنفيذ أو تحول بالمرة دون حدوثه، سواء كانت هذه المعوقات ناتجة عما يبذله المحكوم عليه لمنع أو تعطيل التنفيذ في مواجهته، أو كانت بسبب نظم تشريعية معينة أوجدت عقبات وعراقيل في سبيل إجراء التنفيذ مما نتج عنها تأخير التنفيذ بل وتعطيله بالمرة في بعض الأحوال.
ولا ريب في أن نهج المشرع في حماية المحكوم له، وذلك بالعمل على تحقيق الفاعلية الكاملة للأحكام القضائية بضمان تنفيذها جبراً إن لم يرضخ لها المحكوم عليه اختياراً، هو نهج محمود بل ومطلوب لأجل تحقيق الهدف المنشود من مرفق القضاء بصفة عامة وهو تحقيق العدالة وتسييد القانون. فالتنفيذ الجبري ما هو إلا حلقة في منظومة متكاملة هدفها وغايتها تحقيق العدالة القانونية بين أشخاص المجتمع، سواء كانوا أشخاصاً طبيعين أم معنويين. فإذا كان أول حلقات هذه المنظومة المعنية والمتربع على عرش قمتها هو القانون الذي يحدد الحقوق والواجبات وحدود كل منها بقواعده العامة المجردة الملزمة، وإذا كان ثاني حلقات هذه المنظومة والعنصر الثاني والمهم من عناصرها هو القضاء، وذلك للقيام بتطبيق القواعد التي أتى بها وأوجدها القانون على الوقائع المعروضة عليه، فإن ثالث هذه الحلقات بل وأخطرها هو تنفيذ ما قضى به القضاء وأقره في أحكامه