على الرغم من أن اصطلاح السياسة التشريعية هو من المصطلحات الحديثة نسبيا، إلا أن فكرة ربط النشاط التشريعي والتنظيمي بخطط التنمية في المجتمع هي فكرة قديمة لها أصولها وتطبيقاتها في المجتمعات القديمة، خاصة المجتمع المصري الفرعوني، وكانت الرحلة نحو توحيد قطري البلاد ماهي إلا تطبيق لسياسة عامة انتهجها ملوك ذلك العصر، تجلت جوانبها التشريعية في النظم القانونية والإدارية التي وضعها ملوك عصر التوحيد، والتي اعتمدت على العديد من الوسائل، وكانت متفقة مع ظروف عصرها بصورة تؤكد رقي الفكر المصري القديم منذ تلك المرحلة الباكرة في تاريخ مصر.
وقد أثبتنا من خلال هذه الدراسة جود دلائل على وجود جهود سياسية وتشريعية لملوك كل من الأسرة صفرين والأسرة صفر والأسرة الأولى، وأن هذه الجهود كانت متفقة مع احتياجات المرحلة السياسية والأحوال الاجتماعية التي يمر بها المجتمع، وتسعى نحو تحقيق آمال الملوك في تحقيق الوحدة.
كما توصلنا إللى اختلاف اسلوب السياسة التشريعية باختلاف أحوال وظروف المجتمع، والأهداف المرجو تحقيقها ، فنجد اتباع الملوک لأسلوب المبادرة فيما يخص مسألة تحقيق الادارة المرکزية لليلاد، کما نجد اتباعهم لأسلوب رد الفعل بصدد مواجهة الاضطرابات الداخلية و هجمات البدو والأجانب. کل ذلک کان ضمن خطة سياسية تهدف لتحقيق الخير والاستقرار والأمن للمجتمع.