شهدت الدراسات المستقبلية نموًا متسارعًا فى الدول المتقدمة التى تصنع العلم وتُنتج التكنولوجيا، فضلاً عن امتلاكها أسباب التقدم الاقتصادى والقوة العسكرية. ويَندُر أن تجد دولة رأسمالية متقدمة لا تستند إلى دراسات لاستشراف المستقبل فى صنع قراراتها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية. كما يَندُر أن تجد شركة كبرى لا يوجد بداخلها قسم أو مركز بحثى للدراسات الاستشرافية والتخطيط الاستراتيجى. وتهتم أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فى المقام الأول بتدريب وإعداد العلماء والباحثين المشتغلين بالدراسات المستقبلية فى الجامعات الحكومية ومراكز البحوث المختلفة، وإنشاء العديد من مراكز التفكير (Think Tank) والهيئات العلمية والمعاهد المتخصصة فى علم المستقبليات
ويهدف هذا البحث رصد وتحليل منظومة الدراسات الاستشرافية فى إسرائيل خاصة فى مجال العلوم السياسية والاجتماعية، مع التطبيق على الخطط المستقبلية للدولة العبرية طوال السنوات المقبلة، وفى إطار التعرف على مرتكزات وأسس بناء المناعة الوطنية للدولة العبرية فى محيطها الإقليمى والدولى.
وذلك بدراسة خطة إسرائيل المستقبلية 2050، وهذه الخطة الاستراتيجية ليست مجرد مشروعات سياحية أو تنموية، بل هى خطة كبيرة تستهدف إجراء عمليات تهويد و«ترانسفير» لعشرات من التجمعات الفلسطينية خارج القدس إلى مناطق أخرى وتغيير الملامح الديموغرافية بالكامل والعمل على إعادة توطين آلاف المستوطنين، وهو ما يفسر سبب دعم الحكومة الإسرائيلية مسار ما يجرى والسماح للمستوطنين بالتمركز بجوار الأقصى مع الاستمرار فى مخططات التنقيب والبحث عن « الهيكل » تحته.