لقد عَرَف الفسادُ طريقه إلى الإنسان منذ قيام الحياة على ظهر الأرض، وقد حَظِيَت مواجهةُ الفساد باهتمام الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية بشكل كبير، خاصة بعد أن تأكد ارتباطه بالجريمة المنظمة والمشكلات الأمنية المختلفة التى تعانيها المجتمعات المعاصرة.
وتهتم الدولة المصرية بمواجهة الفساد كان مطلبًا رئيسيًا، خصوصًا بعد قيام ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013م، للمطالبة بالإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وكثيرًا ما أكَّدَت القيادةُ السياسية ضرورة مكافحة الفساد والقضاء عليه، انطلاقًا من الضمانات التى وضعها الدستور المصرى - الصادر فى 2014م والمُعدَّل فى 2019م - فيما يخُص مكافحة الفساد، وتحديدًا من خلال المادة (218)، التى نصَّت على التزام الدولة بمكافحة الفساد، على أن يُحدِّد القانونُ الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك، وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة التنسيق فيما بينها لمكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحُسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.
ومن الأهمية توضيح تعريف الفساد من حيث المفهوم والأسباب، وتحديد أبرز أسبابه وتأثيراته على الأمن القومى المصرى، وإبراز أهمية دور المؤسسات الدينية المصرية، الإسلامية والمسيحية فى مواجهة هذه المشكلة، فى تكامل مع باقى مؤسسات الدولة، ووضع الملامح الرئيسية لإستراتيجية مقترحة للمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية لمواجهتها.