فى عصر ثورة المعلومات والطفرة الهائلة غير المسبوقة فى حجم ما ينتج من معلومات وتقنيات أصبح البحث العلمى الاجتماعى من أهم أدوات الدراسة الجادة للمعلومات، ويمثل ضرورة ملحة لعمليات التنمية فى المجتمع؛ بل يصبح العنصر الأساسى فيها، حيث تقوم التنمية حاليا على أساس إنتاج المعرفة واستخدامها وتداولها، ومن يتخلف عن ذلك سوف يتخلف عن ركب التنمية. والحديث عن أهمية البحث العلمى، ودوره فى التنمية والتقدم حديث قديم يضرب بجذوره فى القدم، وفى نفس الوقت حديث متجدد عبر الزمان والمكان وليس أدل على ذلك من أن موقع أى دولة على سلم التقدم والحضارة مرهون بدرجة تقدمها فى مختلف مجالات البحث العلمى بشقيه الطبيعى والاجتماعى، وتأتى دور مراكز البحوث والدراسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى تقدم المجتمعات، وتحقيق التنمية المستدامة ومعالجة قضاياها المختلفة، وقد ساهمت تلك المراكز فى عملية صنع القرار والتخطيط للسياسات العامة كما نشهدها فى العديد من البلدان المتقدمة       وفى المجتمعات العربية تشكل مراكز الفكر والمؤسسات البحثية جزءًا ضئيلا من مجموع مراكز الفكر العالمية (بنسبة 6% من العدد الإجمالى العالمى) أى ما يقارب 140 مركز فى المنطقة العربية والمتمركزة فى "شمال أفريقيا، الشرق الأوسط، الخليج العربى"، بينما تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حوالى 2200 مركز بحث وفقا لآخر إﺣﺼﺎﺋﻴــﺎت لمراكز الفكر لعام 2021 فى التقرير المعنون «مراكز الفكر والمجتمع المدنى» اﻟﺼــﺎدرة عن ﺟﺎﻣﻌــﺔ ﺑﻨﺴــﻠﻔﺎﻧﻴﺎ، الأمر الذى يؤكد على اﻷﻫﻤﻴــﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐــﺔ ﻷدوار هذه المراكز فى رسم وﺻﻨــﻊ وﺗﻮﺟﻴــﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳــﺎت اﻟﻌﺎﻣــﺔ للدول الكبرى، ﺧﺼﻮﺻــﺎ فى ظل ﻋــﺎلم ﻳﻌــﺎنى ﻣــﻦ أزﻣــﺎت ﻣﺘﻐــيرة ومعقدة، ﻣــﺎ ﻳﺠﻌــﻞ من هذه المراكز ﺣﺘﻤﻴــﺔ ضرورية ﻟﻠﻤﺴــﺎﻫﻤﺔ فى المجالات اﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ واﻻﺟﺘماﻋﻴــﺔ لكونها ﺗﺘﻤﺘــﻊ بالمرونة التى ﻻ ﺗﺘﻤﺘــﻊ ﺑﻬــﺎ المؤسسات اﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ اﻟﺮﺳــﻤﻴﺔ، وهو الدور الذى ﻻ ﻳــﺰال ﻣﺤﺘﺸــما فى منطقتنا العربية، أى لا تزال هذه المراكز ذات تأثير محدود نسبيا Low-impact مقارنة بنظيرتها الغربية