يبدو أن ظاهرة "العوز" ظاهرةٌ عربيةٌ بامتياز. ففي الوقت الذي يزخر فيه العالم بتزايدٍ واضحٍ في عدد؛ ومن ثم؛ تصاعد دور وتأثير وفاعلية "مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية" في إنتاج المعرفة، وتقديم الدعم والاستشارات لدوائر صنع واتخاذ القرار، نلحظ عوزًا بينًا في هذا الخصوص في السياق العربي.  وثمة إشكالية أخرى ترتبط بمدى مساهمة مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية في الدول والمجتمعات العربية؛ مبعثها تلك الجدلية أو المعضلة الناتجة عن عدم التناسب بين الكم الكبير والمتميز من البُحّاثة والمتخصصين العرب في مختلف مجالات العلم والمعرفة في سائر الأقطار العربية من ناحية؛ ومحدودية مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية العربية كمًا؛ أما نوعيًا فتبدو هشاشة دورها على صعيد إنتاج العلم وإمداد صانعي ومتخذي القرار بالأوراق السياساتية Policy Paper. ومن واقع تلك المعضلة تكمن الإشكاليات النظرية والعملية للتعاطي مع قضية "دور مراكز البحوث السياسية والاستراتيجية في عملية صنع القرار في السياق العربي".