بافتراض أن السياسة في عمومها، سواء كانت سياسة خارجية او اقتصادية او اجتماعية أو ثقافية، أصبحت صناعة متكاملة الأركان، يترابط فيها استخدام وسائط التكنولوجيا، والبيانات الرقمية، والقيم، والتطلعات السياسية، والمهارات البشرية، والمؤسسات التشريعية والسياسية المنتخبة، في سلسلة مترابطة من الحلقات المغذية لصناعة السياسة القائمة على المعرفة. و في صناعة السياسة القائمة على أساس المعرفة تنخفض نسبة الخطأ إلى أقل مقدار، بينما أن وضع السياسة إنطلاقا من أهواء أو حالات مزاجية، أو طموحات مبررة أو غير مبررة، أو نوايا طيبة كانت أو شريرة، يؤدي إلى اتساع نطاق الأخطاء والكوارث. ومن ثم فإننا نعتبر أن مراكز الفكر، وهي مؤسسات تتعامل مع البيانات والمعلومات، تمثل حلقة رئيسية في سلاسل الإمدادات المغذية لصناعة السياسة، و تلعب دورا محوريا باعتبارها الحلقة الأولى المدمجة في سلسلة صناعة السياسة القائمة على المعرفة. ويبدأ دور مراكز الفكر من مرحلة استخدام المواد الخام المتمثلة في  المعلومات والبيانات الأولية، ثم تحليلها، وربطها بحركة المتغيرات الرئيسية والتابعة المؤثرة فيها والمتاثرة بها. ولذلك نقول إنها الحلقة الأولى المدمجة، لأنها تحتوي على مرحلتين، الأولى هي الحصول على المادة الخام، المعلومات والبيانات الأولية، والثانية هي تبويب وتحليل هذه المعلومات وردها إلى حركة متغيراتها المستقلة والتابعة.  ويتوقف مقدار كفاءة مراكز الفكر ومدى جودة الدور الذي تقوم به على وفرة وتنوع ونوعية وإتاحة وحرية تداول المعلومات. وتتميز الدول الديمقراطية عموما بحرية إتاحة وتداول المعلومات. ويعتبر حجب المعلومات جريمة ضد الحرية بشكل عام، وضد حق وحرية الفرد في أن يعرف.