ليس العنف شيئا مستحدثا ؛ فماضى البشرية حلقات متواصلة من الحروب والتحديات والكوارث المرعبة ؛ إنما ثقافة العنف الذى شكل تحديا خطيرا لوجود الإنسان منذ القدم .        إنطلقت الفيلسوفة حنة أرندت من الواقع والأوضاع التى عاشتها إلى ما يعرف بالعنف ، حيث إنه ليست ظاهرة طبيعية بل هو من صنع الإنسان ، إذ يقوم على الإكراه والقمع ، وإن مفهوم العنف عند " أرندت " غالبا ما يتم خلطه مع مفاهيم أخرى مثل نفوذ ، قوة ، سلطة ، وترى أنها مفاهيم يعجز العلم السياسي عن ارتباطها بالعنف حيث تتميز بشكل واضح .       فالعنف عندها هو بمثابة فعل ناتج عن الإنسان ، ويستخدمه في تدمير الطبيعة البشرية ، وإنه أمر محتم لا يمكن الهروب ، كما لو كانت جزءا من الأمور الإنسانية ، حيث يمكن اعتباره مجرد إرث لنا ، أى ان العنف غير واضح .       يعد موضوع العنف من أهم التنظيرات السياسية التى عالجتها "حنة أرندت " بحيث أرست مفاهيم وخلاصات جديدة ، ترى من خلالها أن العنف يتعارض جوهريا مع السياسة ؛ وفى وجوده نفى الحرية ، فهو يقصى كل عمل سياسى يهدف لوجود فضاء ديمقراطى .