فقد أسس المسلمون في الأندلس دولة عظيمة وأقاموا حضارة شامخة، أنجبت أعلامًا في مختلف فروع المعرفة، فأغنوا الخزانة العلمية بآلاف المجلدات، ونشروا المعرفة على نطاق واسع
وكانت الأندلس على رغم بعدها الجغرافي واستقلالها السياسي متصلة ببلاد المشرق عامة ومصر بصفة خاصة, وإذا ما عدنا إلى كتب التراجم والمصادر نجد أسماء العديد من العلماء الأندلسيين الذين كان لهم الجهد العظيم والإسهامات العلمية الكبيرة, ومن بين هؤلاء يبرز دور علماء القراءات كما توضح هذه الدراسة.
القراءات:
علم القراءات من العلوم الجليلة القدر، العظيمة الشأن, لأنه يدور حول الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو من أشرف العلوم لشدة تعلقه بأشرف كتاب منزل
والقراءات: علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية، وطريق أدائها اتفاقًا واختلافًا مع عزو كل وجه لناقله
وينبغي أن نشير إلى النص القيم الذي تتبع فيه العلامة ابن خلدون تاريخ تطور القراءات فقال: "ولم يزل القراء يتداولون هذه القراءات وروايتها إلى أن كتبت العلوم ودونت فكتبت فيما كتب من العلوم وصارت صناعة مخصوصة وعلمًا منفردًا وتناقله الناس بالمشرق والأندلس في جيل بعد جيل
وليست القراءات القرآنية مأخوذة من خط العرب، أو رسم المصحف، أو اجتهاد الصحابة أو غيرهم، بل مصدرها الوحيد هو الوحي عن طريق النقل الصحيح المتواتر, فلا مجال للرأي والاجتهاد فيها, والفرق بين القرآن والقراءات هو أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المعجز المتعبد بتلاوته، أما القراءات فهي كيفيات أداء كلمات القرآن
ولكن ما هي الحكمة من نزول القرآن بالقراءات؟ قال ابن الجزري: "فأما سبب وروده على سبعة أحرف، فللتخفيف على هذه الأمة وإرادة اليسر بها، والتهوين عليها شرفًا لها وتوسعة ورحمة وخصوصية لفضلها،