اهتمَّ علماءُ الاقتصادِ الإسلاميِ بتنظيمِ النشاطِ الاقتصاديِّ، وتنميتِه إنتاجًا وتوزيعًا واستهلاكًا، حيث قاموا بتوجيِه النشاطِ الاقتصادي بفروعِه المختلفةِ وفقًا لأصولِ الإسلامِ وتعاليمِه؛ حتى يتحقق الأمنُ الاقتصاديُ الذي يعتبرُ من الأولويات قديمًا وحديثًا، والذي تَبرُزُ أهميتُه من حيث إنه يُعدُ أحدَ المنافذِ المهمةِ إلى الاستقرارِ الاجتماعيِ والاقتصاديِ والسياسيِ والذي يهدفُ إلى توفيرِ أسبابِ العيشِ الكريمِ، ويُلبي الضرورياتِ والحاجياتِ، ويُسهمُ في رفعِ مستوى الخدماتِ، وتوفيرِ فرصِ العملِ.
ويُعَد العمل مصدرًا أساسيًا في إشباع الحاجات الأساسية للإنسان من مأكل، ومشرب وملبس، ومسكن، وتعليم، وصحة، وغيرها، ويقلل من الفقر وآثاره، ومن ثم فهو الوسيلة الناجعة في تحقيق الأمن الاقتصادي؛ لذا ينظر إلى المجتمع الذي تسود فيه معدلات مرتفعة من البطالة بأنه مجتمع فقير أو غير منتج أو متخلف، ولا يتوافر فيه الأمن الاقتصادي، أما ارتفاع معدلات السكان الناشطين اقتصاديًا يعكس قدرة الدولة على تحقيق أمنها الاقتصادي.
ويمكن للصكوك الإسلامية ومنتجاته المختلفة أن تُسهم في الحد من مشكلة البطالة والأموال المعطلة؛ إذ يمكن عن طريقه تمويل الأسر المنتجة، والتنمية الريفية، والصناعات الصغيرة، والحرفيين، والمهارات والخبرات؛ لذا جاء بحثنا المعنون (مساهمة الصكوك الإسلامية في تحقيق الأمن الاقتصادي وحل مشكلة البطالة دراسة مقاصدية)، لمحاولة بيان دلالة الصكوك الإسلامية وأحكامها، وبيان مفهوم الأمن الاقتصادي باعتباره مصطلحًا حديث الظهور بالنسبة لغيره من المصطلحات، والأسس التي ينبني عليها، ومعوقاته، والربط بين فكرة التمويل بالتصكيك الإسلامي والأمن الاقتصادي، والأحكام المترتبة عليهما، ومساهمته في الحد من مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل.