تجاوز الطيبي في شرح المشكاة مستوى تحليل الألفاظ إلى البحث عمَّا وراءها من خلال سياق الموقف والمقامية والمتكلم والمخاطب والزمان المكان؛ لبيان أدقِّ المعاني والدلالات الخاصة بكل سياق ترِد فيه؛ إذ بدأ في شرحه للحديث النبوي من المعنى، ثم بحث عن التركيب الذي استخدمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو يستخدمه العرب لأداء هذا المعنى، سواء أكان موافقًا للمقاييس التي وضعها النحاة أم مخالفًا لها، مع بيان أثر الخروج عن هذه المقاييس المعيارية في أداء المعنى، وذكر ما يحتمله السياق من دلالات تتعدد تبعًا لاختلاف المواقف، فتتعدد معها الأوجه الإعرابية. لذا أتناول في هذا البحث تداولية معنى الحديث النبوي عند الطيبي في ضوء الاستعمال والسياق، وذلك في ثلاثة مباحث: المبحث الأول: تداولية معنى الحديث النبوي عند الطيبي في الآراء النحوية والأوجه الإعرابية، والمبحث الثاني: توجيه الخروج عن القاعدة النحوية مراعاة للمعنى، والمبحث الثالث: التضمين مراعاةً للمعنى. وانتهى هذا البحث إلى أن الطيبي قد طبَّق الاتجاه التداولي الذي يُعنَى بالقصدية في الخطاب، وكان مهتمًّا بالأغراض والمعاني الكامنة وراء الألفاظ، ولم تكن نظرته في بيان معاني الحديث النبوي نظرة شكلية. كما اقترب من عمل التداوليين؛ حيث فوَّض بيان المعنى أحيانًا إلى الاعتماد على فهم المتلقي للنص، والإشارة أحيانًا إلى ما في ذهن المخاطب، والاعتماد كذلك على المعرفة السابقة للمتلقي؛ حيث جعل له دورًا مهمًّا في تكوين النص وبنائه؛ مما يُسهم في نجاح عملية التواصل.