إن الحديث النبوي وحي من عند الله عزَّ وجلَّ؛ لذلك لا يرى الناظر فيه خللًا ولا عوجًا، والحديث النبوي كان تشريعًا إلهيًا، وقد مرَّ بمراحل عدة، منها التدرُّج في التشريع، ومنها الناسخ والمنسوخ، ومنها العام والخاص، ومنها المطلق والمقيد، إلى غير ذلك من ضوابط التشريع؛ لذلك فإن هناك من الأحاديث ما هو مختلف ظاهريًّا، لكنَّه في حقيقته غير مختلف، ووجوه دفع الاختلاف متنوعة، فمنها الجمع بين الأحاديث، ومنها الناسخ والمنسوخ، ومنها الترجيح بين الأحاديث من وجوه كثيرة.
ومن هذا المنطلق جاء هذا البحث في كتاب من كتب الناسخ والمنسوخ من الأحاديث وهو كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار لزين الدين الهمذاني المتوفى 584ه، وفيه أحاديث دفع فيها الأئمة الاختلاف بينها بالجمع بين الأحاديث، وإن كان بعضهم قد حكم بالنسخ على بعضها، فقمت بجمع تلك الأحاديث التي تم الجمع بينها، سواء من الإمام الهمذاني نفسه أم غيره من العلماء الذين نقل عنهم الجمع بين تلك الأحاديث؛ لأن الجمع بين الأحاديث أولى من الحكم بالنسخ عند عدم وجود الدليل عليه.
وقد جاء البحث في مقدّمة وتمهيد، ومبحثين، المقدّمة فيها أهمية الموضوع وأسباب اختياره، والدراسات السابقة، ومنهج البحث، وخطة الدراسة، والتمهيد فيه تعريف باختلاف الحديث وأهم أسبابه وترجمة للإمام الهمذاني، والمبحث الأول فيه الجزء النظري في الجمع بين الأحاديث، ووسائل دفع الاختلاف فيها، والمبحث الثاني فيه الدراسة التطبيقية للأحاديث التي تم الجمع فيها بين الأحاديث، ثم جاءت الخاتمة وفيها أهم نتائج البحث، ثم انتهى البحث بالفهارس العلمية.