يُسلط هذا البحث الضوء على نمطىْ الأمر والاستفهام ؛ بوصفهما من صور خطاب الإنشاء الطلبى ذى الأبعاد الانفعالية الذاتية ، بهدف استكناه التجليات الدلالية لخطاب الإنشاء فى شعر أحد أبرز شعراء العصر الفاطمى فى مصر ؛ وهو الشاعر ظافر الحداد ، المتوفى سنة 529هـ. وتنطلق فكرة البحث المركزية من إيمان الباحث بأن القوالب اللغوية - التى يتلفظ بها مؤلف الكلام - تحمل –فى الغالب- مضامين دلالية، أو بواعث انفعالية ودلالات تركيبية ، وتجليَّات جمالية ؛ قد ضمَّنها مؤلف الكلام فعل القول المنجز، الذى خرج على هيئة فعل التلفظ، حيث إن القول بعشوائية فعل التلفظ بالقوالب اللغوية أو استثمار دلالة العناصر الإشارية أو السياقية هو ضرب من الادِّعاء ، من دون بينة ؛ إذ إن الكلام اللفظى إن هو إلَّا صوت النفس، التى نتكلم وتنجز، لا بالعقل المجرد، أو اللغة المعدول بها عن صوت النفس. حيث إن القوالب اللغوية التى نتلفظ بها، هى دوال على ما يمور فى الأنفس من الخلجات والدواخل ، وأصناف الشعور، لذا تتباين صور الكلام النفسى، ما بين قوالب لفظية ، أو رمز و إشارة ، أو حركة جسدية من أمارات التعبير الوظيفى لأعضاء الجسم ، أو كلام الغمغمة الذى لا يخضع لضوابط النظام الصوتى أو الصرفى أو النحوى فى لغتنا العربية ، ممَّا يسمى : حديث النجوى . قد كشف البحث – بمنهج وصفى تحليلى ، وأحيانًا بالاستقراء الناقص- عن أـن اللغة الانفعالية لظافر قد اتسمت بشمولية الرصد، ودقة الوصف لجزئيات المعنى، تملؤها الحركة والحيوية ، جعلته يخلع علي الأشياء ما يشاء من صفات ، ليستدعي بها ذكرياته ؛ وليعرض بها انفعال نفسه ، لذا جعل منها لوحة تدب فيها الحياة والحرك ؛ مستثمرًا الطاقة الدلالية والانفعالية لفعل الأمر، الدال على النصح و الاستحسان ، واستمالة المتلقى بأن المؤلف يقدم له أمرًا محببًّا إليه، ويرغب فى أن ينعم به.