لقد اختلف الفلاسفة والمؤرخون للفكر الفلسفي في الحكم على الفكر السوفسطائي بين مؤيد ومعارض, فبينما ذهب فلاسفة اليونان إلى نقد ومعارضة هذا الفكر، ووصف أصحابه بالنسبية التي تصل إلى هدم معيار الحقيقة، وتبعهم على ذلك فلاسفة المسيحية وفلاسفة الإسلام في العصر الوسيط، وكذلك استمر هذا النقد عند مفكري الغرب حتى القرن التاسع عشر، وفي مقابل هذا الاتجاه الناقد، نجد أن هناك اتجاها فكريا  وقف مدافعا عن هذا الفكر، وقد بدأ ظهوره منذ منتصف القرن التاسع عشر عند بعض فلاسفة العصر الحديث في الغرب، لكن ماذا كان موقف مفكري العرب المؤرخين للفلسفة اليونانية في القرن العشرين من هذا الفكر السوفسطائي؟ هل كانوا مدافعين عن هذا الفكر، أم كانوا معارضين له منتقدين إياه؟، أو بمعنى آخر كيف تناول مفكرو العرب المحدثين هذا الفكر في كتاباتهم؟ والجواب على هذا السؤال سيكون من خلال هذا البحث، الذي سيتم فيه تسليط الضوء على هذه القضية.