يُعدُّ الاستثمار في رأس المال البشري أحد أهم المقومات الأساسية في بناء المجتمعات، وجوهر عملية التنمية المستدامة، وهو ما يضع ملف الاستثمار في البشر في مقدمة أولويات الحكومات وصناع القرار على مستوى العالم. وقد أعربت الدولة المصرية عن التزامها بتطوير قوة بشرية مؤهلة وقادرة على أن تقود مسيرة التنمية من خلال الدستور المصري لعام 2014، واستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030 الصادرة عام 2016، وأيضا برنامج عمل الحكومة (2018/2019-2021/2022). وفي هذا السياق، تتناول الدراسة القضايا المتعلقة بأهمية الاستثمار في رأس المال البشري كأحد الدعائم الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر؛ حيث تناقش الوضع الراهن للتنمية البشرية في مصر، والمؤشرات ذات الصلة بإتاحة نظم الصحة والتعليم، وجودتها، وتنافسيتها. كما تتناول الدراسة استعراض الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية فيما يتعلق بالاستثمار في البشر، ثم مناقشة أهم التحديات التي تحول دون التوظيف الأمثل لرأس المال البشري في مصر. وأخيرًا، تطرح الدراسة مجموعة من السياسات المقترحة لإصلاح منظومة الاستثمار في البشر في مصر؛ بما ينعكس إيجابًا على أداء الاقتصاد المصري في مسيرة تحقيق التنمية المستدامة. ويظهر التحليل تحسن في بعض المؤشرات المتعلقة بإتاحة خدمات الصحة والتعليم في مصر، بيد أن مستوى جودة وتنافسية تلك الخدمات لايزال من التحديات الرئيسة، والتي تعكس بشكل أو بآخر ضعف التمويل. فضلًا عن ذلك، تُعدُّ القضايا المتعلقة بعدالة إتاحة فرص التنمية البشرية وتوزيعها، وفقًا للنوع الاجتماعي والمنطقة الجغرافية ومستوى الدخل، من القضايا الجوهرية الجديرة بالاهتمام، خاصة في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، وانعكاساته على سوق العمل، وطبيعة الوظائف في المستقبل.