شكلت التهديدات الأمنية في أوروبا الهاجس الأساسي الذي دفع بالأوروبيين نحو تبنى مشروع تكاملي ووحدوي يضمن لهم تحقيق الأمن والاستقرار، حيث مثل الاتحاد الأوروبي نموذجاً هاماً في مجال التكتلات الدولية الرامية لتعزيز التعاون والاندماج الإقليميين، مما دفع للاعتقاد أن المسار التكاملي الأوروبي سيؤول لا محال في مراحله الأخيرة نحو تشكيل وحدة سياسية فوق القومية. واستطاع الاتحاد الأوروبي، على مدى العقود الماضية، أن يثبت أنه من أنجح تجارب التكامل والاندماج الإقليمي، وذلك من خلال حجم الإنجازات التي حققتها هذه التجربة، والتي أثبتت أنه يمكن نقل نمط العلاقة بین مجموعة من الدول المتجاورة إقلیمیاً وغير المتجانسة ثقافيا من حالة التشتت والصراع إلى حالة التعاون والتكامل وصولا إلى الوحدة، بشرط توافر ظروف وعوامل دولیة وإقليمية ومحلیة خاصة. لكن في مقابل ذلك، تعرض الاتحاد الأوروبي لكثير من التحديات التي حالت دون استكمال المسار التكاملي، وتمثلت أهم هذه التحديات في معارضة جزء من أعضائه لمشروع توحيد السياسات الخارجية والأمنية لدول الاتحاد الأوروبي ، وتأتى على رأسها بريطانيا ، ولهذا جاءت خطوة انسحابها ، تلك الخطوة التي ألقت بظلالها على الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على حد سواء. وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على إشكالية الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وتحليل أهم الانعكاسات والتداعيات المترتبة على عملية الانسحاب على الاتحاد الأوروبي خاصةً على المستوى السياسي والأمني،