هدفت هذه الدِّراسة إلى إبراز معالم العلاقات بين مملكة سرقسطة الأندلسيَّة والممالك الإسبانيَّة في عهد المقتدر بالله أحمد بن هود (438-474هـ/1046-1081م)، خلال عصر ممالك الطَّوائف، والتي كانت سرقسطة من أهمِّها وأكثرها شُهرةً، نظراً لاتِّساع رقعتها، وتداخُل حدودها مع الممالك الإسبانيَّة، فعدَّت سماتُها وسياستُها خلال عهد المقتدر نسخةً مصغَّرة لما كان عليه الحال خلال ذلك العصر. واستخدمت الدِّراسة المنهج التاريخيِّ الاستقرائيِّ الوصفيِّ والتَّحليليِّ، اعتماداً على مختلف المصادر والمراجع العربيَّة والأجنبيَّة، وتوصَّلت إلى عددٍ من النَّتائج، كان من أبرزها: على الرَّغم من السِّياسة العدائيَّة التي سادت بين مسلمي الأندلس والممالك الإسبانيَّة عموماً، إلا أنَّ مختلف الأطراف، بما فيها مملكة سرقسطة، لم تتردَّد في إقامة علاقات تحالف مشتركة، خدمةً لمصالحها. وبهدف المحافظة على سلامة أراضي مملكة سرقسطة، حرص المقتدر بن هود على تثبيت حدوده القائمة، ومن أجل ذلك، التزم بدفع مبالغ ماليَّة طائلة للممالك الإسبانيَّة، وبخاصة لمملكة قشتالة، ما أدّى إلى إهدار كثيرٍ مقدَّرات مملكته، واستغلت الممالك الإسبانيَّة، وبخاصَّةٍ مملكة أراغون، الهُدن المتبادلة في تحصين مواقعها، ومحاولة التَّوسُّع على حساب الأراضي الأندلسيَّة. ومن ناحية أخرى؛ أهمل المقتدرُ الحملات الجهاديَّة الهادفة إلى استرداد المواقع التي سيطر عليها الإسبان، بيد أنَّه نشط في الانخراط بأعمال استنجاد عسكريَّة متبادلة، وأخيراً؛ أسهمت السِّياسة المهادِنة التي اتَّبعها المقتدر تجاه الممالك الإسبانيَّة في تجنيبها عديداً من الأخطار التي كانت تُحدق بها.