الذكاء الاصطناعي، هذا المصطلح الذي أصبح سمة من سمات التطور العلمي والتكنولوجي، بل أنه أصبح سمة من سمات التطور الحضاري الذي لا غنيً عنه للبشرية، في إطار سعيها الدائم نحو البحث والتحري عن أفاق جديدة؛ وعلى الرغم من ذلك، يتخوف الكثيرون من هذا التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي ما عاد مقتصراً على أداء الآلات لبعض المهام التي يقوم بها الإنسان، وإنما أصبحت الآلات تحل محله في القيام بالكثير من المهام بنفس الكفاءة أو ربما تزيد.
وأمام هذا الزخم التكنولوجي المتسارع، وهذا التداخل المتشعب لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في كافة نواحي الحياة، حاول الفقه القانوني مواكبة هذا التطور بالبحث عن حلول قانونية مناسبة، لتنظيم ومعالجة الإشكاليات والأضرار الناشئة عن هذا التطور، خاصةً في موضوع تحديد المسئولية المدنية التي تنشأ عن أضرار استخدام هذه التقنيات.
ولما كانت المسئولية المدنية تستهدف في الأساس تعويض من أصابه ضرراً بفعل الغير أو الأشياء، وكانت روافد تقنيات الذكاء الاصطناعي متصلة بكافة نواحي الحياة، كان لزاماً على القانون أن يواكب هذا التطور الهائل والسريع، خاصة في ظل التأثير المتبادل بين هذه التقنيات والإنسان، سواء بتطويع المنظومة القانونية التقليدية ما دام ذلك ممكناً، أو البحث عن حلول وقواعد جديدة لمواجهة وتنظيم هذا التطور الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي.