لا شك في أن الخصومة الجنائية تتأثر بالنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة، سواء من ناحية التأثير على القضاء أو الشهود أو الخبراء أو المتهم نفسه، ولقد فرضت التشريعات الجنائية الحديثة ضوابط قانونية للممارسة الحق في النشر من أجل حماية الخصومة الجنائية من تأثير وسائل الإعلام، وذلك في محاولة منه لرسم الحدود الفاصلة بين صيانة  الحق في الإعلام وحماية حسن سير الخصومة الجنائية، تجنبا لحدوث خلل بالتوازن الواجب تحقيقه بين حماية المصالح المهددة، وضمان حماية حرية التعبير والحق في الإعلام. ورغم ذلك فإن الواقع العملي يؤكد عدم فاعلية هذه القيود في الحد من تجاوزات وسائل الإعلام، فانتهكت حجاب السرية، واعتدت على حرمة الحياة الخاصة، بل ونصبت نفسها قاضيا فتدين متهما أو تبرئ ساحته، ولا تهدف من وراء ذلك سوى جذب اهتمام الجمهور وزيادة التوزيع والنشر لتحقيق مكاسب مادية بحتة.