تُعتبر حضارة كرمة واحدة من أبرز الحضارات النوبية التي ازدهرت في المنطقة الواقعة جنوب مصر في الألفية الثانية ق.م. وقد كانت موضوعًا للعديد من الدراسات الأثرية والنقاشات الأكاديمية، ومن بين أبرز الباحثين الذين تناولوا هذا الموضوع عالم الآثار الأمريكي جورج أندرو رايزنر George A. Reisner، تعد آراء رايزنر حول كرمة محورًا للنقاش في الأوساط العلمية، حيث يتناول هذا المقال تحليلاً لأفكاره ومقارنتها بآراء معارضيه، كان رايزنر رائدًا في دراسة آثار النوبة وقدم إسهامات كبيرة في فهم حضارة كرمة، اعتمدت نظرياته بشكل كبير على الاكتشافات الأثرية والتنقيب المكثف الذي قام به في المنطقة، وتتمثل أبرز آراء رايزنر حول كرمة في عدة نقاط لعل أبرزها: أصل كرمة وتطورها، و التأثيرات المصرية، وفي هذه النقاط يمكن القول بأن رايزنر يرى كرمة من منظور تأثري، ولكن معارضيه يرونها من منظور استقلالي.
من المعروف أن الفضل في الكشف عن مدافن الفترات الأولى من تاريخ السودان القديم عن الفترة من 3800 ق.م - 1500 ق.م إلى جورج رايزنر الذي استطاع أن يصيغ التسلسل التاريخي للثقافات والحضارات السودانية، هذا التسلسل لا يزال مقبولاً إلى حد كبير حتى الآن، وكان رايزنر يعول على مبدأ الانتشار الثقافي، حيث يرى أن التغير الثقافي يكون عن طريق الانتشار أو الهجرة أو الغزو، وعلى هذا المبدأ، وباعتماده على المدافن وتحليلها فسر رايزنر الثقافات السودانية على أنها نتاج انتشار الحضارة المصرية.