تعتمد هذه الدراسة على ما توصلت إليها نظريتي النقد البيئي ونقد ما بعد الاستعمار من حقائق ضمن منظور الدراسات البينية، من أجل قراءة نقدية لمسرحية "برلين بلوز" (شجن برلين) التي كتبها درو تايلور عام 2008، وهو كاتب مسرحي كندي تنتمي بعض أصوله العرقية إلى السكان الأصليين في كندا. ويأتي اختيار هذه المسرحية، لقراءتها قراءة نقدية، من حقيقة أنها تحتوي على عدد لا بأس به من العناصر اللازمة لتحليل قضايا مثل تأثير الاستعمار الاستيطاني، وعودة الاستعمار مجددا بصورة جديدة عن طريق مشاريع التنمية الجائرة، وذلك بعد إعلان وفاة الاستعمار التقليدي. وينتج عن بعض المشاريع التنموية، التي تقوم بها قوى غربية في البلدان التي كانت ضحية سابقة للاستعمار القديم، أثار بيئية مدمرة. كما تُظهر المسرحية اهتماما بقضايا البيئة باعتبارها نظاما متكاملا (يضم البشر والحيوانات والأنهار والأرض، إلخ) بطريقة تُعلي من شأن الاعتماد المتبادل بين هذه العناصر في كلٍ متناغم. وهي في نفس الوقت عمل فني (كوميديا) محكم البناء وفق النظريات الأدبية الكلاسيكية والحديثة. علاوة على هذا، تنطوي المسرحية على تَبَنٍ لقضايا مهمة في وقتنا الراهن مثل الدفاع عن البيئة ضد كارثة بيئية وشيكة، وعن العدالة الاجتماعية، والمساوة بين الأجناس البشرية، ضمن قضايا أخرى، أملا في زيادة الوعي بتلك القضايا. ويكاد تبَنِّي المسرحيتين لهذه القضايا أن يصبح نشاطا سياسيا فاعلا دون أن يأتي هذا بأثرٍ يضر بالقيمة الفنية الأصيلة للعمل الفني.