يقصد هذا البحث إلى دارسة جدلية الذات والآخر في مقامة العيد لابن المُرابع الأزدي, وذلك من خلال الوقوف عند الثنائيات الضدية التي أحدثت جدلية داخل المقامة, وبدأتُ فيه بمفهوم المقامة, ونشأتها في الشرق, والأندلس, ثم وضحت كيف اتخذ ابن المُرابع من هذه الجدلية طريقًا معبرًا عن المضمون الرئيس لمقامته؛ لاستجداء الأضحية من الأمير الغرناطي, وقد اتسم خلالها كلٌّ من الذات والآخر بسمات تباينت بين الضعف والقوة, والفقر والغنى, وشكَّل هذا التباينُ ملامحَ الجدل بينهما, مما كشف عن صفات البيئة الغرناطية, وهذا ما يتجلى في توظيف الكاتب لعناصر بناء المقامة؛ إذ عكس عنصرا الزمان والمكان ثقافةَ المجتمع, كما جاءت لغته مستوحاة من المجتمع, وما فيه من عادات استقى منها الكاتب صورته الفنية بطريقة ألهمت الذات والآخر لامتلاك ناصية الحوار تجاه بعضهما, وقد بيَّنتُ أثرَ توظيف ابن المُرابع للمحسنات البديعية على أسلوب الجدل, حيث أدت ألوان البديع المختلفة كالسجع, والطباق, والجناس دور الموسيقى الداخلية, واعتمدت في ذلك على نماذج من المقامة وقمت بتحليها وبيان جدلية الذات والآخر وفق هذه الأدوات الفنية, والتي لعبت فيها الصورة دورًا مهمًا في عملية تخييل المشهد، فأضفت طابعًا جماليًا على المقامة .

وقد جاء هذا البحث ضمن معطيات المنهج الاجتماعي لرصد أبرز الظواهر الاجتماعية التي شكَّلت ملامح تلك الثنائية وما بينها من جدل, وكذلك المنهج الفني للكشف عن الأدوات الفنية التي استخدمها ابن المُرابع للتعبير عن أفكاره والوصول إلى هدفه بطريقة يستحسنها المتلقي.