أثار التطور الذي شهدته أساليب إدارة المرفق العام، وذيوع ظاهرة تكليف أشخاص القانون الخاص بمهام المرافق العام، شكوك وتساؤلات حول الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة من هذه الأشخاص في إطار المهام الموكلة إليها.
وقد تنازع الإجابة على هذا التساؤل اتجاهين رئيسيين في أحكام الفقه والقضاء؛ حيث ذهب الاتجاه الأول إلى تبني المعيار العضوي لتحديد الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة من أشخاص القانون الخاص القائمة بمهمة مرفق عام، فأخضعها بالتبعية لأحكام القانون الخاص واختصاص القضاء العادي. في حين ظهر اتجاه آخر في الفقه والقضاء، ينادي بتبني المعيار الموضوعي لتحديد الطبيعة القانونية لهذه القرارات، وعدها قرارات إدارية مما يختص بها القضاء الإداري.
وتتعلق الإشكالية الأساسية التي يتناولها هذا البحث بتحديد الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة من أشخاص القانون الخاص القائمة بمهمة مرفق عام. وقد وجدنا أن دراسة الموضوع على نحو شامل ومتعمق تقتضي منا تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة فصول رئيسية؛ نتناول في الفصل الأول منها مفهوم المعيارين العضوي والموضوعي للقرارات الإدارية. وفي الفصل الثاني، نتناول الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة من أشخاص القانون الخاص القائمة بمهمة مرفق عام. أما الفصل الثالث والأخير، فنتناول فيه أهم وأحدث التطبيقات القضائية لفكرة القرارات الإدارية الصادرة من أشخاص القانون الخاص القائمة بمهمة مرفق عام.