الفن الرقميّ أحد أشكال الإبداع التقنيّ الذي يعبر فيه الفنان عن فكرته بأدوات رقمية، توفرها الأجهزة التقنية الحديثة، مثل: أجهزة الحاسوب، والتصوير الضوئيّ الرقميّ،... وغيرها؛ مما أتاح للفنانين المعاصرين حرية كبيرة في إنتاج أعمال فنية لم يكن من السهل تصورها في مجالات الفن التقليدية. ويساعد الفن الرقميّ على تحقيق الاتصال والتفاعل عن بعد، عبر تجربة فنية تحقق تفاعلًا ثقافيًا بين الأفراد، وعليه فإن له دورًا رئيسًا في تطوير الثقافة، والتعريف بهويات الأمم، والحفاظ على التراث الفنيّ؛ من أجل تعزيز التفاهم والتقارب بين الشعوب، باستثمار التطورات الهائلة في مجال الاتصالات. ومن هنا تأتي أهمية دراستنا للفيلسوف البريطانيّ "باول كروذر" (ولد عام 1953م وما زال حيًا)، الذي يعود إليه الفضل في التركيز على السمات الجمالية للإبداع الرقميّ في مجالات الفنون المتعددة، فضلًا عن تركيزه على الفن الرقميّ التفاعليّ. وقد استخدمت في هذا البحث مناهج عدة، هي: المنهج التاريخيّ، والمنهج التحليليّ، والمنهج النقديّ.
ويهدف هذا البحث إلى الكشف عن جماليات الفن الرقميّ وأثرها في التفاعل الثقافيّ في فلسفة باول كروذر، ويتضح ذلك عن طريق إيضاح أهمية الفن الرقميّ، وإلى أي مدى يمكن وصفه بالإبداع الجماليّ، وهو ما يعرف بجماليات الفن الرقميّ، كذلك بيان علاقة الفن الرقميّ بالتفاعل بين الشعوب، وذلك عن طريق ضرب أمثلة من الأعمال الفنية التي أشار إليها كروذر وتكشف عن طبيعة التفاعل بين الأفراد في البلدان المختلفة عن طريق الوسائل التكنولوجية الأمر الذي يساعد على التعرف إلى الأعمال الفنية المتنوعة، ونشر ثقافات الشعوب. كما يتناول هذا البحث بيان العلاقة بين الفن الرقميّ والفن التقليديّ، وأثرها في التفاعل الثقافيّ، أي بيان كيف يساعد الفن الرقمي في تطوير الفن التقليديّ ويحافظ عليه، وأخيرًا القيمة الجوهرية للحضارة ونطاقها الجماليّ، وفيه نوضح أهمية التطورات التكنولوجية في الحفاظ على التراث الفنيّ، فضلًا عن أهمية التطور الفنيّ فيما يتعلق بالعملية الحضارية.