لم يحظ مفهوم الشجاعة بدراسة وافية تُستجلى فيه الأفكار المركزية التي يقوم عليها والتعالقات التي تربطه بالمنظومة الأخلاقية مما دعانا إلى المساهمة في صياغة نظرية أخلاقية في توصيف هذا المفهوم وفقاً لما قدّمته نصوص الوحي (الكتاب والسنة) ونظرُ علماء الأخلاق عليهما، وقد ساهمنا في زحزحة بعض المظاهر السلوكية التي لا تجسّد حقيقة الشجاعة، كربطها بالقوة الجسدية، أو الاقدام المطلق، وقد سعى هذا البحث إلى التعرف على القوى النفسية التي تولِّد مفهوم الشجاعة وكشف تعالقات هذا المفهوم مع بقية المفاهيم الأخلاقية في الفلسفة الإسلامية، وقد توسّلنا بالمنهج الوصفي في أداته الوثائقية، وكان من نتائجه أن نظرية التعاهد التي فسّرت بناء مفهوم الشجاعة في الإسلام وتعني: الثبات في حفظ الإيمان بين العبد وربّه،وتقوم على ثلاثة أسس:أولها أن الشجاعة الباطنة هي محرّك الشجاعة الظاهرة وهذا مقام الثبات، والثاني: قصد التقرّب في الشجاعة يكون بالنيّة الأخلاقية وليس الحميّة وذلك مقام الإخلاص، والثالث ضرورة التكامل بين عالمي الغيب والشهادة وهو مقام الإيمان، وثبوت وجود تعالقات متشابكة بين الشجاعة وأخلاق الصبر والكرم والحكمة وهي علاقة وجود وكمال، فالمسميات متباينة وحقيقة الخلق ثابتة، وذلك أن الشجاعة هي في حقيقتها تمظهر خارجي لقوة الصبر وسماحة النفس ومنطق الحكمة، ولوازم لوجودها.