يبدو أن العديد من المشكلات السلوكية والانفعالية الَّتِي من الممكن أن يمر بها الإنسان عبر تاريخ حياته، لم تعد تعالج من قبل المعالجين النفسيين فحسب، وإنما بات للفلاسفة والمناطقة أيْضًا دورٌا بارزاٌ في هذا المجال، وبدلاُ من أن يذهب المسترشد، أو المستنصح إلى المرشد النفسي؛ طلبًا للإرشاد والنصيحة في محاولة منه للتخلص من مثل هذه المشكلات؛ فسوف تكون قبلته هذه المرة إلى ما يسمى بالمرشد الْفَلْسَفِي. ويبدو أيْضًا أن مثل هذا الأمر لم يعد بالمستغرب خاصة في ظل الموجة التطبيقية الَّتِي تعيشها الفلسفة المعاصرة بكل فروعها. وكيف أن مصطلحات من قبيل: الفلسفة باعتبارها علاجًا، والعلاج بالمنطق، والإرْشَاد الْفَلْسَفِي، والممارسة الْفَلْسَفِية، والفلسفة الإكلينيكية أصبحت من المصطلحات البارزة في الفكر الْفَلْسَفِي المعاصر. ومما لاشك فيه أن الدور الَّذِي يمكن أن يؤديه الفلاسفة والمناطقة في هذا المجال الإرْشَادي، سوف يفتح الباب مجددًا للحديث عن قوة العلاقة، الَّتِي يمكن أن تربط بين الفلسفة وعلم النفس. بمعنى هل تعود العلاقة بين العِلْمَين الكبيرين إلى سابق عهدهما من التعاون، عندما كان علماء النفس يؤكدون الأهمية البارزة للفلسفة في ممارساتهم المهنية. أم سوف تظل العلاقة علاقة تجاهل واستبعاد، ويظل علماء النفس لا يكترثون بما يحدث في مجال الفكر الْفَلْسَفِي؟ والدراسة هنا موجهة لمعالجة إحْدَى النظريات الَّتِي تؤكد ذلك، ونقصد بها نظرية العلاج القائم على العمليات المنطقية، والَّتِي يتبنى صاحبها- إليوت كوهين ElliotD. Cohen.^([1]) -   [1]⁾⁾ إليوت  د .كوهين  Elliot D. Cohenفيلسوف ومعالج، حصل على الدكتوراه من جامعة براون، تعددت مجالات اهتماماته البحثية ما بين الأخلاق التطبيقية وأخلاق المهنة، والتفكير النقدي، والإرْشَاد الفلسفي وفلسفة علم النفس. ترأس العديد من الدوريات والمراكز البحثية، فعمل رئيســــًا لتحرير المجلة الدولية للفلسفة التطبيقية. وكذلك أسس وترأس تحرير المجلة الدولية للممارسات الفلسفية، وعمل أيْضًا محررًا لمجلة الأخلاقيات التطبيقية. له العديد من المؤلفات، ولاسيما في مجال الإرْشَاد الفلسفي نذكر منها: العلاج العقلاني الجديد 2007م،و التفكير النقدي 2008م، والفلاسفة في العمل (مقدمة للاستخدامات العملية للفلسفة) 2000م، والمعالج الحكيم (الممارسة الأخلاقية في الإرْشَاد والعلاج النفسي) 1999م، وغيرها العديد من المؤلفات الأخرى. هو صاحب نظرية العلاج القائم على المنطق، والتي أسسها اعتمادًا على نظرية ألبرت إليس العلاجية، والتي كان لها صدى واسع في المجالين النفسي والفلسفي على حد سواء. وقد قام كوهين بالتطبيق الفعلي للعلاج القائم على المنطق في معالجة بعض الاضطرابات النفسية، وكانت النتائج مرضية إلى حد بعيد. (لمزيد من المعلومات عن كوهين وحياته ومؤلفاته. انظر السيرة الذاتية لكوهين متاح على الرابط: -(https://npcassoc.org/wp-content/uploads/2014/07/CV-ELLIOT-D-COHEN-May-2014-.UPDATED1.pdf.)