إن قاعـدة الشـك يفسـر لصـالح المـتهم تتعلق أساسـا بتفسـير النصـوص الجنائيـة، وهـي ليست متعلقة بالأدلة فقط، وتتعلق أكثـر بتكـوين القاضـي لقناعتـه، حيث يكفي في تسبيب حكم البراءة تقرير وجود شك في الأدلة ليفسر هذا الشك لصالح المتهم. ولا يشترط أن يرد حكم البراءة على كل دليل إدانة على حدة، وإنما يكفي أن يرد عليها جملة بما يفيد شكه فيها. وكل ذلك مشروط بان تكون المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وكيوفها وأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام. ويسـتوجب عليـه دسـتورا وقانونا أن يبني حكمه على اليقين الصارم والجازم، والذي لا يرقي إلى الشك.
فافتراض براءة المتهم أصل ثابت يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها، وليس بنوع العقوبة المقررة لها، وينسحب إلي الدعوى الجنائية في جميع مراحلها ـ ذلك أنه وبمجرد وقوع الجريمة تقوم قرينتان، الأولى قرينة واقعيـة، وهـي ارتكـاب الجريمـة وبكـون كـل أفـراد المجتمـع موضـوع الشـك فـي ارتكـاب الجريمة، أما القرينة الثانية، وهي قرينة دستورية قانونية، وهي قرينة براءة الإنسان إلى غاية إثبات العكس. فرتب الدستور حتمية افتراض البراءة وعدم جواز نقضها بغير الأدلة الجازمة ـ وهذا يجـد أساسـا فـي تطبيـق قاعدة الشك يفسر لصالح المتهم، وهي قاعدة قضائية ونتاج مباشر لمبـدأ الأصل فى الانسان البراءة.