مما لا شك فيه أن الإنسان، هو كائن عاقل، له طبيعة ذات جوانب ثلاثة مجتمعة فيه: جانب بيولوجى، وآخر نفسى، وثالث اجتماعى، ويكون الإنسان ضعيفًا إذا عاش بمفرده؛ لذلك فكل البشر يحتاجون للعيش فى جماعة متحدين مع غيرهم( )؛ لأن قدراتهم تختلف، وكل واحد منهم يكمل الآخر فى المجتمع، وحتى لا يكونوا فريسة للحيوانات والوحوش أو لاعتداء الآخرين، فكل واحد بحاجة للآخر للتغلب على الطبيعة وإخضاعها لإرادته والاستفادة من خيراتها وتجنب شرورها، ولن يكون ذلك إلا بالعمل الجماعى، فمن خلال المساعدة والتعاون المشترك يمكنهم العيش فى حياة آمنة وهادئة ومستقرة، لاسيما فى حالة الحرب مع الشعوب المجاورة المعتدية( ).
وفى ظل تلك المجتمعات لا بد أن يكون هناك نظام قانونى يحكمهم لتحقيق الانضباط ومحاسبة الخارجين على أحكام القانون؛ من أجل الحفاظ على روح النظام والمصلحة والرفاهية والدفاع عن المجتمع؛ لذلك يتم فرض عقوبات على من يخالف النظام أو يخرج عنه؛ ولكى يحظى الفرد بحماية النظام القانونى كان لا بد أن يكون منتميًا لهذا المجتمع من خلال الولادة، وكأنهم بالولادة يتعاقدون ضمنيًا مع المجتمع، فيجدون أنفسهم مكلفين بالتزامات، وبالمقابل يتمتعون بمجموعة من الحقوق وحماية المجتمع ككل لأعضائه، وهو التزام يقع عبئه على الدولة، دون إخلال بالنظام القائم؛ بما يسهل عليهم العيش وعلاقات التعامل فيما بينهم، وتُيسر لهم القيام بأعمالهم، وتفرض عقوبات على من يعتدى على تلك الحقوق، ويحظى الفرد منذ ميلاده داخل المجتمع