الإرهاب من أخطر الظواهر الإجرامية التي أمن واستقرار المجتمع، وقد دأبت أغلب التشريعات العقابية في مواجهتها أحياناً بالقمع والقسوة بالإفراط في تشديد العقوبات الجنائية وأثبتت هذه التجارب عدم فاعلية هذه السياسية في الحد من جرائم الإرهاب، لذلك أدركت العديد من الدول ضرورة أعادة النظر في استراتيجيتها في مواجهة الجرائم الإرهابية، وفى ظل ذلك تبلورت سياسة عقابية مزدوجة تقوم على التخويف والترهيب بتغليظ العقوبات على مرتكبي الجرائم الإرهابية، ولكنها تعمل بالمقابل على التحفيز والتشجيع الإرهابيين على التوبة بمنحهم مزيا الإعفاء أو التخفيف من العقاب مقابل التعاون مع العدالة في تفكيك المنظمات الإرهابية والقبض على الإرهابيين الهاربين من العدالة، وقد أثبتت هذه السياسة نجاحاً ملحوظاً أنعكس في صورة تزايد الإرهابيين التائبين وتأثير ذلك في تفكيك العديد من المنظمات الإرهابية وانخفاض واضح في جرائم الإرهاب ومن ثم باتت الحاجة ملحة لدراسة هذه السياسة في مجال مكافحة الإرهاب وآليات تطبيقها وآثارها.
أولاً: - التعريف بالموضوع وأهميته
تمثل ظاهرة الإرهاب أحد أهم المشكلات التي تواجه دول العالم حيث صارت جزء من الحياة اليومية، وقد أثبتت التجارب أن مواجهة الجريمة الإرهابية لا تكون بالقمع والإرهاب وإنما بالتشجيع والمكافأة ايضاً، وكما أن الجهود يجب أن تتضافر لمواجهة أسباب ودوافع الفكر المتطرف فأنه من الأهمية ايضاً توجيه نوع من الرعاية الخاصة لمن يتخلى عن هذا الفكر المتطرف وإعلانه ندمه وتوبته عما أرتكبه من جرائم ورغبته فى اكتساب صفة المواطن الصالح خاصة وأن سياسة التشجيع على التوبة فى مجال مكافحة الإرهاب حققت انتصارا في العديد من الدول التي تبنت تشريعاتها العقابية التوبة كأحد الأساليب الحديثة فى مواجهة الجرائم الإرهابية.