أدي التطور التكنولوجي والتقني في مختلف المجالات، ونمو التجارة الدولية ونمو الاقتصاد الدولي وتوسيع مناطق التبادل الحر، وفتح الأسواق العالمية أمام التجارة، أدي ذلك إلي ظهور العولمة التي جعلت العالم القرية الكبيرة؛ تتفاعل فيه جميع المكونات من أشخاص القانون الدولي، والتي ساهمت في إزالة الحدود بين الدول، فهذه الظاهرة أدت إلى عولمة الاقتصاد وعولمة الثقافة، والتي نتج عنها عولمة الجريمة بحيث انطلقت من النطاق الداخلي للدولة إلى النطاق الدولي ولذلك أطلق على هذا النوع من الجريمة مصطلح الجريمة المنظمة العابرة للحدود أو الجريمة المنظمة عبر الدول، وقد أدى هذا إلى ظهور منظمات إجرامية خطيرة تعمل على المستوى الدولي من خلال الاعتماد على إستراتيجية نشر الفساد والسيطرة وفرض الهيمنة علي كافة علي موارد الدولة ومدخراتها الوطنية، مما جعل جريمة الفساد من أكبر التحديات التي تواجه الدول بدون تمييز بين الدول المتقدمة والدول النامية علي حداً سواء. وأنه لا مجال اليوم للاختلاف أن الفساد لم يعد ظاهرة وطنية بل مشكلة عابرة للحدود تهدد أغلب دول العالم، غير أنه يتباين من دولة لأخرى، ذلك حسب قوانين وثقافات تلك الدول والطبيعة السياسية للحكم فيها، ونتيجة لتفشي الفساد في العقود الأخيرة وتخطيه حدود الدولة الواحدة مُستغلاً التداعيات السلبية للعولمة والتقدم الهائل في الاتصالات والمواصلات وتكنولوجيا المعلومات، فأصبحت قضية مكافحة الفساد قضية رئيسية ومحورية بالنسبة لجميع دول العالم، فقد أزداد اهتمام الأسرة الدولية بضرورة التصدي له ومكافحته انطلاقاً من أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة الرامية إلي تحقيق الرخاء والتنمية المستدامة لجميع الدول.