شهد العالم تطورا كبيرا في نطاق التكنولوجيا، مما أدى بدوره إلى التأثير على مختلف النطاقات، لاسيما نطاق العمل والعلاقات التعاقدية، وقد نتج عن التكنولوجيا الحديثة في مجال العمل ظهور أنماط جديدة للعمل، فلم يعد العمل في شكله التقليدي هو النمط الوحيد، وإنما ظهر العمل عن بعد إلى جانب أنماط أخرى للعمل، حيث أنه استُحدث بسبب ذلك التطور المستمر، وبعد ظهور جائحة كورونا ، فُرض على الناس التباعد الجسدي ولزوم المنازل، وعليه كان لابد من استمرارية العمل في المنزل عبر الكمبيوتر والمحمول، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الإقبال على العمل عن بعد في مختلف الأعمال، وتبعا لذلك سعت كثير من الدول إلى تنظيم ذلك وإعداد منصات تنظم العمل عن بعد وتعالج الثغرات الناتجة عنه .
ويعتبر العمل عن بعد رغبة وخيارا في السابق، أما في عصر الحالى وما شابه من أنتشار الأوبئة والجوائح، مثل جائحة كورونا، هنا وجد كثير من الأشخاص أنفسهم مضطرين للعمل من منازلهم، لأنها الطريقة المثلى لتجنب التزاحم والاختلاط وتجنب انتقال فيروس كورونا المستجد من خلال الاختلاط مع الآخرين ( ).
وقد أصبحت الأنماط التقليدية للعمل غير متفقة مع متطلبات الاقتصاد العالمي، ومن هذه الأنماط العمل عن بعد. وأحدث هذا الأخير تغييراً جذرياً عميقاً في بيئة العمل التقليدية، وذلك لما يتميز به من إيجابيات لا تقتصر فقط على العامل وإنما تمتد إلى صاحب العمل والمجتمع بأسره، وذلك لتلاشي الحواجز والمسافات الجغرافية بين الموظف ومقر عمله .
ولقد حدث ما يعرف باستقلالية العمل عن الروابط المكانية، فانتقلت الأعمال من مجالها المكاني إلى مجالها البشرى أينما وجدت، وكان لذلك تأثيره المباشر على سوق العمل وعلى أداء منظمات الأعمال( ).