هذا البحث يتناول ظاهرة صوتية وموضوعًا من الموضوعات اللغوية التي كانت وما زالت ساحة للخلاف بين اللغويين، وهذا الموضوع هو «تقصير الحركات الطوال» حيث ضع علماؤنا القدماء بداية من سيبويه منهجًا يعبر عن هذه الظاهرة بـ«حذف الحركات»، ثم سار اللغويون على هذا المنهج غير حائدين عنه منذ ذلك الحين حتى منتصف القرن العشرين، حيث تناول اللغويون المحدَثون حينئذٍ هذه الظاهرة في ضوء علم اللغة الحديث، مما أحدث رؤية مغايرة ومنهجًا مخالفًا لمنهج القدماء في ذلك، إذ أطلق المحدَثون على هذه الظاهرة تسمية «تقصير الحركات».
وتتمثل أهمية هذا الموضوع في كونه غير مقتصر على حالة لغوية معينة، وإنما هو قاعدة رئيسة وقانون لغويٌّ عامٌّ في اللغة العربية، فلا يكاد يوجد نصٌّ عربيٌّ دون أن تكون هذه الظاهرة واردة وهذا القانون اللغويٌّ ماثلًا فيه؛ ولذا فقد شغلت هذه الظاهرة اللغوية جانبًا غير يسير من كتب علمائنا القدماء والمحدَثين.
وبناءً على ذلك جاء هذا البحث ليضع بين أيدينا تفسيرًا يوضح بشكل لا لبس فيه أبعاد هذه الظاهرة اللغوية، وما أورده اللغويون من آراء ورُؤى في هذا الشأن، وبيان ذلك في ضوء علم اللغة الحديث.