يهدف هذا البحث إلى الوقوف عند أبرز تجليات الشعرية التي تميز قصيدة النثر عن غيرها من أنواع القصائد الأخرى، إذ إن لها طبيعتها المستقلة التي تُبنى على عناصر شعرية محددة، وهذه العناصر تتحد لتعكس صورة خاصة للقوانين التي تحكم قصيدة النثر وتميزها عن غيرها، حيث تتجلى هذه القوانين من خلال بعض العلامات التي تشكل ظاهر النص، وتصبغه بصبغته الثقافية التي يظهر من خلالها، فهي تتشكل عبر أنساق لها خصوصيتها وأبعادها الثقافية، ومن ثم يطمح هذا البحث إلى دراسة أبرز العلامات التي تجلت من خلالها الشعرية داخل قصيدة النثر، ومدى تأثر هذه العلامات بالنسق الثقافي المصاحب لها، والذي نقصد به نسق الحداثة.
وتظهر تجليات الشعرية في قصيدة النثر عبر بعض العلامات التي تظهرها عناصر الخطاب الشعري، وهذه العناصر تتمثل في: الإيقاع، واللغة، والصورة، وكذلك الدلالة، ومن ثم البحث في خصوصية تلك العناصر عبر نسقها الثقافي الذي تشكلت عبر أفكاره واتجاهاته، ولذا ينقسم البحث إلى تمهيد يتناول مفهوم الشعرية في النقد الغربي والعربي، وبعده: أربعة نقاط تطبيقية تتناول تحليل تلك العناصر السابقة داخل النموذج التطبيقي الذي اختارته الدراسة.
وتعتمد الدراسة في هذا البحث على المنهج السيميائي الذي يبحث في العلامات المميزة لعناصر الشعرية داخل قصيدة النثر، وكذلك ربطها بنسقها الثقافي عبر ما يظهره لنا النقد الثقافي في دراسة قصيدة النثر من مرجعيات وأفكار ترتبط بتيار الحداثة الذي ظهرت في كنفه قصيدة النثر، ومن ثم فالدراسة تعتمد المنهج السيميائي بمساعدة النقد الثقافي.
ويعتمد هذا البحث في دراسته على قصيدة (البعث والرماد) لأدونيس كنموذج تطبيقي يخضع للتحليل والدراسة من أجل بيان أبرز تجليات الشعرية داخل هذا النوع من القصائد (قصيدة النثر)، ودراستها علاماتيًا