ظهر وباء الكوليرا في مصر مرات عديدة، ولكن هذه المرة في صعيد مصر بالقرب من أسيوط في قرية صغيرة تُدعى موشا وذلك في عام 1902م، وانتشر المرض في هذه القرية بشكل سريع، ومنها تطور انتشار المرض حتى أصبح وباء عم القطر المصري بكامل أرجائه، وكان سببًا في موت الآلاف من الشعب المصري وعدد من الأجانب المقيمين بالمدن والأقاليم المصرية، كما أن الوباء تزايد بصورة أثارت الذعر لدى السلطات الحكومية -نظارة الصحة- كما تباينت معدلات الإصابة به في كثير من الأقاليم المصرية ما بين الأقاليم الشمالية والجنوبية، وقد اختلفت طرق ووسائل نقل العدوى من مدينة إلى أخرى، على حين بذلت الحكومة جهودًا ضخمة في مجال الحد من أسباب انتشار الوباء وطرق مكافحته، فاتخذت العديد من الإجراءات الوقائية، وسنت العديد من التشريعات اللازمة لحصر الوباء، وعملت على توعية أهالي البلاد ورجال إدارتها بخطورة الوباء، والعمل على منع انتشاره.
تتناول هذه الدراسة وباء الكوليرا في مصر عام 1902م، وذلك من خلال عدة محاور على النحو التالي: أولًا: الكوليرا قبل عام 1902م، ثانيًا: مصدر إصابة قرية موشا بالكوليرا عام 1902م، ثالثًا: تطور انتشار وباء الكوليرا في القطر المصري عام 1902م، رابعًا: جهود السلطات المصرية في مكافحة وباء الكوليرا عام 1902م.