برزت مشكلةُ التنقُّل الوظيفي في المملكة العربية السعودية على نطاقٍ واسع بعد ظهور الوزارات والقطاعات الحكومية وتوسُّعها، وهو ما حدا بأفراد المجتمع للتنقُّل بحثًا عن فُرَصِ عملٍ أفضلَ بين أنحاء المملكة؛ فمع توسُّع الوزاراتِ وظهورِ التخصُّص في المجال الوظيفي ارتفعت حاجةُ الأفراد إلى التنقُّل ارتفاعًا شديدًا. كما أصدرت وزارةُ الخدمة المدنية إحصائيةَ التَّرقيات الوظيفية لعام 1438هـ لتصلَ إلى 55280 موظَّفًا داخلَ المنطقة وخارجَها (وزارة الخدمة المدنية، 1438ه، 29).

وأكَّدت الكثيرُ من الدراسات الاجتماعية أنَّ التنقُّلَ الجغرافي للأسرة يترتَّب عليه بعضُ الآثار الاقتصادية والاجتماعية؛ كالتغيُّر في المستوى الاقتصاديِّ والتنشئةِ الأُسرية والاستقرارِ الأُسري؛ لا سيَّما أنَّ الأُسرةَ هي لَبِنةُ المجتمع الأولى التي تؤثِّر بالظروف المعيشية للأفراد وتتأثَّر بها، كما أنَّ تنقُّلَ الأُسرة من مكانٍ لآخر، أو تنقُّلَ ربِّ الأسرة بعيدًا عنها، يُفرِز مشكلاتٍ عدَّةً تَمَسُّ بناءَ الأُسرة وتماسُكَها، وتؤثِّر على شخصية أفرادها خصوصًا الأطفالَ؛ لِما يترتَّب عليه من أبعادٍ ضاغطة وهائلة في بعض الأحيان؛ فالتنقُّلُ مكلِّفٌ في طبيعته ماديًّا، ومُجهِدٌ من النَّاحية النَّفسية إذ يصيب الأُسرةَ بالوَهَن (جينكنز، 1985م). وقد توصَّلتْ دراسةُ الدوسري (1413ه) إلى أنَّ تحوُّلَ الأسرة من مكانٍ إلى آخر يصيب أفرادَها بالضَّرر؛ بسبب تغيُّر المجتمع، والخسائرِ المادية المترتِّبة على النَّقل، وانخفاضِ الرَّقابة السُّلوكية والتعليمية على الأبناء.