يعد ابن خفاجة الأندلسي من أبرز شعراء الأندلس بشكل عام، وشعراء القرنين الخامس والسادس الهجريين بشكل خاص، فهو شاعر الطبيعة الأول بالأندلس، فنشأته بجزيرة شقر التي اشتهرت بأنهارها وحدائقها وطبيعتها الخلابة أثرت في شخصيته، ومن ثم حبه للطبيعة، وتجلى ذلك بشكل كبير في قصائده، وإن الذات قد اقتربت في مفهومها من مفهوم عدة مصطلحات أخرى كالأنا، والـنفس؛ ولكنها في الوقت نفسه جاءت مختلفة عنهم، وقد أصابت الذات الشاعرة لابن خفاجة الأندلسي بعض حالات الاغتراب، كالاغتراب الزمني والاغتراب المكاني، وكذلك الاغتراب الاجتماعي، وفي كل ذلك حاولت الذات الشاعرة أن تعبر عن تلك الحالات داخل قصائدها، وجاء المكان بوصفه أحد أبرز الأسباب التي جعلت الذات الشاعرة تعيش حالة من الاغتراب؛ إذ إنها دائمًا ما تحن إلى أماكن عاشت بها من قبل، وفي الوقت نفسه ترفض أو ربما تكره ذلك المكان الذي تعيش فيه؛ لأنه يشعرها بالغربة والوحشة، وقد عانت الذات الشاعرة مرارة البعد والجفاء والوحشة من الأهل والإخوان والأصدقاء؛ إذ نجدها تسكن بينهم؛ وكأنها غريبة عنهم، ولا تجد منهم ألفة أو قربًا، ومن ثمَّ فهي تشعر بذلك الاغتراب، الذي يملوها حسرة وحزنًا وألمًا، وهي في هذا تصور إحساسها وغربتها وتنقلها لنا داخل أشعارها المتعددة.