يقوم هذا البحث على (نقد النقد) من خلال جمع ما تفرّق من كتابات نقديّة لدى الناقد الكبير الأستاذ الدكتور (محمد عبد المطّلب) حول ظاهرة بلاغيّة وأسلوبيّة عند شاعر بعينه تقوم على تتبع مسيرة التقدم النقدي، وتصاعده في التعامل مع الخطاب الشعري؛ مما يكشف عن عطاءاته المكنونة من ناحية، فيفصح عن إبداع نقديّ موازٍ للإبداع الشعري من ناحية أخرى.

وقد وقع الاختيار على ظاهرة المفارقة الملازمة للشعرية منذ البدايات، مرورًا بالعصور المتتالية والمراحل المختلفة، والتي تعني في أبسط تعريفاتها أن يقول المبدع شيئًا وهو يقصد شيئًا آخر يبدو في الظاهر مناقضًا لما قاله. وهي متنوعة المشارب من مفارقة لفظية، وموقفية، وتصويرية، ودرامية...

وهي الظاهرة التي ترتدّ بوعي المتلقي إلى منبع من أروى المنابع الثقافيّة وأغناها في الثقافة العربية، ألا وهو (البلاغة العربية) التي يمتح منها كل ناقد للخطاب الأدبي.

أما الشاعر فهو المبدع (محمد إبراهيم أبو سنة) الذي طالما شغف بإبداعه المشروع النقدي عند ناقدنا.

وظاهرة المفارقة من الظواهر البارزة في إبداع أبي سنة، بل لا يبالغ المرء إذا اعتقد استغراق هذه الظاهرة في هذا الإبداع؛ ومن ثمّ اهتمّ غير ناقد بها في شعرية أبي سنة لما تهبه من مِنَحٍ في فك شفرات الدلالة المبتغاة.