يسعى البحث إلى التعرف على مفهوم الصورة الذهنية لشخصية المتنبي، و يتضح لنا أن العلاقة بين الكاتب والصورة الذهنية المستلهمة من التراث تختلف من كاتب لآخر، وذلك كل حسب رؤيته الفكرية ومعالجته الفنية للواقع وقضاياه المعاصرة، ونرى ذلك واضحا بدراسة شخصية أبي الطيب المتنبي في التاريخ، وبالتعرف على الصورة الذهنية المرسومة عند كل من " السيد فرج" و" فكري النقاش" و" علي أبو سالم". وقد تبلورت مشكلة البحث في التساؤل التالي. إلى أي مدى استطاع كتاب المسرح صياغة صورة ذهنية تكثف الضوء بين الصورة الحقيقية لشخصية المتنبي والصورة الذهنية له في المسرحيات عينة البحث؟ أهداف البحث: -  التعرف على الأساليب التي اتبعها الكتاب المسرحيون لنسج شخصية المتنبي دراميا في مسرحياتهم. -كشف الملامح التي ميزت رؤيتهم الفكرية ومعالجتهم الفنية في توظيفهم لشخصية المتنبي. - التعرف على الصورة الذهنية المرسومة لشخصية المتنبي لدي الكتاب ومدى تطابقها مع التراث. منهج البحث: المنهج الوصفي وقد توصل البحث إلى عدد من النتائج أهمها. 1- في مسرحية " المتنبي والمستقبل العربي" لم يلجأ السيد فرج إلى التراث بشكل نمطي، إنما اتخذه رمزا أو وسيلة لمناقشة قضاياه المعاصرة، ولذلك فإن الصورة الذهنية للمتنبي لم تكن صورة نمطية تتناول حياة البطل كما يفعل مؤرخو التاريخ، إنما اكتفى بأخذ ما يخدم فكرته. 2-في مسرحية " المتنبي في الطريق إلى بغداد" لفكري النقاش فقد اعتمدت الصورة الذهنية المرسومة لدية عن المتنبي على التراث لأقصى حد، فقد استخدم التعبير المباشر لرسم صورة ذهنية نمطية تناولت الجزء الأخير من حياة المتنبي ومشهد مقتله، وهذا ما يتفق مع التراث. 3- في مسرحية " المتنبي والضمير الغائب" لعلي أبو سالم فقد ظهرت الصورة الذهنية لديه عن المتنبي بشكل نمطي، وإن لم يهتم بسرد كل تفاصيلها التراثية، إنما كان هم الكاتب أن يسقط عليها قضايا عالمه المعاصر، وبخاصة الدور الذي تلعبه القوى الكبرى في السياسات العربية  ورغم أنه التزم إلى حد بعيد بسرد بعض من تفاصيل حياة المتنبي، إلا أنه أجاد في الإحالة عليها لتكون مرتكزا للمعاصرة في النقد والمزاوجة مع القضايا العصرية والتي لم يتطرق لكل تفاصيلها، بل اكتفى بالإشارة إليها، تاركا مساحة للمتلقي ليعمل عقله فيما يرى ويقرر بنفسه.