علم الاجتماع الحضري هو علم قديم النشأة حديث التخصص، يعد من أبرز التخصصات الناشئة ضمن فروع علم الاجتماع المتخصصة؛ ظهرت ملامحه الأولي علي يد المفكر والفيلسوف العربي عبد الرحمن ابن خلدون الذي وضع أسس علم العمران البشري من خلال مقدمة كتابة "العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر" والذي اتم كتابته عام 1377 م. ومنذ ذلك التاريخ بدأت دراسات العمران خلال القرن الرابع عشر الميلادي، والتي اهتمت بظهور وتطور المجتمعات البشرية وأشكال وصور العمران البشري في مختلف بيئاته الجغرافية والاجتماعية والسياسية من خلال رؤية تأريخية مقارنه بدأها ابن خلدون بمقارنة العمران البشري بالمجتمعات العربية. ثم مع انتقال المعارف العربية والإسلامية للبلدان الأوروبية، ظهرت "دراسات المدينة" التي صبت جل اهتمامها على دراسة المدن الأوروبية وما تعرضت له من دمار بشري ومادي خلال حقبتي الحربين العالميتين الأولي والثانية (1914-1918/ 1939- 1945). انقسمت الدراسات الحضرية بتلك الفترة الى المرحلة الكلاسيكية المهتمة بدراسات المدينة، ثم تبعها مرحلة الحداثة والتي كان من أبرز منظريها وروادها: والتر بنجامين، ماكس فيبر، وفريدريك إنجلز، جورج زيميل، هنري مايهو، تشارلز بوث، ويليام بواز. ومع انتقال الدراسات الحضرية الى الولايات المتحدة الأمريكية، تأسس علم الاجتماع الحضري كتخصص علمي له نظرياته ومناهجه ورواده ومفهوماته ودراساته الإمبيريقية تحت مظلة مدرسة شيكاجو لعلم الاجتماع الحضري بقيادة كل من جراهام تايلور، وجورج فنسنت، ثم روبرت بارك، ولويس ورث، ووليام أوجبرن. وعلى الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية ظهرت مدرسة لوس أنجلوس للعمران ومن أبرز روادها إدوارد ويليام سوجا، ميشيل دير، ومايك دافيس، وآلان سكوت. ثم بدأت مرحلة ما بعد الحداثة بظهور "الدراسات الحضرية البينية" لتضم تخصصات علمية عدة منها علم الاجتماع والجغرافيا البشرية والجغرافيا الطبيعية والتخطيط العمراني والحضري، وغيرها من التخصصات العلمية التي أثرت نظريات ومناهج دراسات المدينة بشكل عام على يد كل من إدوارد ويليام سوجا، وجون أوري، ونايل برينر وشارون زوكين وآش أمين ونايجل ثريفت. الآن، لا يمكننا تناول علم الاجتماع الحضري بدون دراسة تأثيرات مجتمعات المعرفة والمعلومات وتطور المدن الذكية ومدن المستقبل والطبقة الإبداعية وعمال المعرفة. وبهذا، يعد علم الاجتماع الحضري بحق "علمًا قديم النشأة، حديث التخصص".