تعتبر البيروقراطية ضرورة من ضروريات الحكومات الحديثة؛ حيث إن أعمال الحكومة لا يمكن أن تتم بإصدار القوانين فحسب، بل يلزم استخدام أعداد كبيرة من الموظفين ليقوموا بتنفيذ سياساتها. إلا أن التطبيق العملي للبيروقراطية ليس بذات الدرجة على مستوى دول العالم؛ إذ يرتبط مداه في الواقع بالمستوى الاجتماعي، والثقافي، والحضاري لكل دولة. ولا شك أن البيروقراطية غير الجيدة أو الرديئة هي أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات الفساد الإدارى، خاصة المرتبط بالوظيفة العامة.حيث يرتبط الفساد الإدارى بتعدد مشكلات الادارة العامة، والتى من أهمها غياب التنسيق وعدم التحديد الدقيق للمسئوليات، وضعف الرقابة، السلطة التقديرية للموظفين دون ضوابط، وغيرها من المشكلات.  وهو ما حدا بالمنظمات الدولية والدول كافة للاهتمام بمفهوم الحوكمة الرشيدة، حيث تبلورت هذه الاتجاهات والمحاولات على محاربة الفساد والمحسوبية والبيروقراطية ومجابهة سوء الادارة، وتشجيع الشفافية والمساءلة. في ضوء ما سبق تعددت التعريفات الخاصة بالبيروقراطية، كما تم رصد العديد من المحاولات التى تهتم بإبراز العلاقة بين البيروقراطية والفساد الإداري من ناحية، وبينها وبين الحوكمة من ناحية أخرى، وبين الأخيرة والفساد الإداري أيضاً. وهو ما سيتم تناوله بالتفصيل في هذا البحث.