قد تُرتَكَب الجريمة بواسطة شخص واحد، وقد تُرتَكَب بواسطة أكثر من شخص فيساهمون جميعًا في ارتكابها، أو يتعاونون على ارتكابها. وصور المساهمة والتعاون لا تخرج عن أربع حالات: فقد يُساهم الجاني مع غيره في ارتكاب الركن المادي المُكَوِّن للجريمة، وقد يتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة، وقد يُحَرِّض غيره على ارتكابها، وقد يعين غيره على ارتكاب الجريمة بشتى الوسائل دون الاشتراك في تنفيذ الجريمة. وكل شخص من هؤلاء يُعتَبَر شريكًا في الجريمة سواء اشترك في تنفيذ الركن المادي للجريمة أو لم يشترك في تنفيذه^([1]).ويقصد بالاشتراك في الجريمة: "إسهام عدد من الجناة في ارتكاب جريمة واحدة، ويمكن التعبير عنه بعبارة: المساهمة الجنائية، ومن الجائز استعمالها في الفقه الإسلامي، إذ هي دالة على هذا الوضع". والاشتراك في الجريمة قائم على عنصرين: تعدد الجناة، ووحدة الجريمة المرتكبة.  ويُطلَق لفظ "مباشر الجريمة" في الفقه الإسلامي على مَن ارتكب الجريمة بنفسه، ويقابلها في القانون الوضعي لفظ "الفاعل"^([2]).  ([1]) ينظر: التشريع الجنائي الإسلامي مقارنًا بالقانون الوضعي، عبد القادر عودة، الجزء الأول، دار التراث للطبع والنشر القاهرة، بدون سنة نشر، ص 357. عبد القادر عودة: "محام من علماء القانون والشريعة بمصر. كان من زعماء جماعة "الاخوان المسلمين"...واتهم بالمشاركة في حادث إطلاق الرصاص على جمال (1954) وأعدم شنقًا على الأثر مع بضعة متهمين آخرين. له تصانيف كثيرة منها: "الإسلام وأوضاعنا القانونية" و"الإسلام وأوضاعنا السياسية" و"التشريع الجنائي الإسلامي مقارنًا بالقانون الوضعي" جزآن و"المال والحكم في الإسلام" و"الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه"، توفي عام 1374ه. ينظر: الأعلام، خير الدين الزِرِكْلي، الجزء الرابع، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة السابعة، مايو 1986م، ص 42. خير الدين الزِّرِكْلي: "خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزِّرِكلي"، مولده: "ليلة 9 ذي الحجة 1310ه (25 يونيه 1893م) في بيروت"، كان أبواه دمشقيين ونشأ في دمشق وتعلم في إحدى مدارسها ثم سافر إلى بيروت للدراسة في كلية "لاييك" ثم عُيِّنَ أستاذًا للتاريخ والأدب العربي فيها، من كتبه: "الأعلام"، "شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز" "الإعلام بمن ليس في الأعلام"، توفي: في "الثالث من ذي الحجة 1396ه- 25 تشرين الثاني (نوفمبر 1976م)" في القاهرة. ينظر: الأعلام، مرجع سابق، الجزء الثامن، من ص 267 إلى ص 270.