أصبح الفضاء الإلكتروني ساحة للصراعات والحروب، حيث أنه يتم استغلال الثغرات القانونية الناجمة عن غياب النصوص القانونية في القانون الدولي التي تنظم هذا المجال. ومع تزايد التهديدات السيبرانية التي تستهدف البنى التحتية الحيوية المعلوماتية للنظام الدولي، تزايدت الحاجة إلى وضع تشريعات دولية سيبرانية ملائمة. كما أن الهجمات السيبرانية اسهمت في تغيير موازين الصراعات المسلحة الحديثة، حيث وفرت بدائل حديثة للعمليات الهجومية والدفاعية لكافة الأطراف، بما في ذلك الدول ذات الموارد المحدودة. ومع تصاعد وتيرة هذه الهجمات في السنوات الأخيرة، أصبح من الممكن أن تصل إلى مستوى العدوان المتمثل في التدمير أو التعطيل الذي يطال البنية التحتية الحيوية الخدمية كشبكات الكهرباء، وشبكات الطاقة، والصناعات، والمرافق الصحية، مما يؤدي إلى معاناة كبيرة للمدنيين وخسائر في الأرواح وتدمير الممتلكات وتعطيل الخدمات الأساسية.

كان مفهوم السيادة مرتبطًا بعوامل جغرافية محددة، إلا أن تطور وسائل الاتصال أحدث تغييرات جذرية في هذا المفهوم. ومع تعاظم أهمية الشبكة الدولية للمعلومات التي أصبحت تمثل أصولاً تفوق في قيمتها رأس المال الاقتصادي، ومع ظهور مفهوم السيادة السيبرانية الذي يعيد صياغة معايير السيادة في عصر المعلومات. لم يعد مفهوم السيادة مقتصرًا على الحدود الجغرافية، بل توسع ليشمل الفضاء الرقمي الذي خلقته وسائل الاتصال الحديثة. ومع التحول الرقمي السريع، باتت السيادة السيبرانية محور اهتمام كل دولة. وتسعى دول العالم أي ضم هذا الفضاء ضمن سيادتها والعمل على حمايته من أي تهديدات. مما دفع المجتمع الدولي إلى تعزيز التعاون من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية لمكافحة الجريمة السيبرانية وضمان حماية الدول لهذا الفضاء من أي اعتداء.