مما لا شك فيه أن التطور التكنولوجيا المتلاحق للوسائل التكنولوجيا وخدمات الاتصالات وآليات ممارسة التجارة الإلكترونية، قد رافقتها موجات كبيرة من الانتهاكات والسلوكيات غير المشروعة، الأمر الذي تسبب في ظهور العديد من الصور الجديدة من الجرائم خاصة المتعلقة بالاحتيال والغش والخداع والتضليل والإزعاج عبر الوسائط الإلكترونية وعلى مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت المختلفة، وتطبيقات البرامج الإلكترونية على الهواتف النقالة الذكية والأجهزة الإلكترونية الحديثة المختلفة. ولمواجهة ذلك فقد حاول الفقه والمشرع في التشريعات المقارنة البحث عن الوسائل والأساليب الناجعة لمكافحة هذه الظواهر الإجرامية الحديثة والتي تمثل انتهاكاً واعتداءً على حقوق المواطنين وخاصة من جمهور المستهلكين الإلكترونيين.

كل ذلك يثير العديد من التساؤلات القانونية حول انعكاسات السياسة الجنائية المعاصرة على الحماية الجنائية للمستهلك الإلكتروني، هل فعلاً يتمتع المستهلك الإلكتروني بكافة عناصر الحماية الجنائية لمواجهة مخاطر المعاملات التجارية الإلكترونية سواء أثناء مرحلة التفاوض أي قبل التعاقد، أو أثناء التعاقد، أو بعد التعاقد المبرم عبر الإنترنت أو عن بعد أو مازال نحتاج إلى تطوير السياسة التشريعية لمواجهة هذه الظواهر الإجرامية. وكذلك نتناول دراسة انعكاسات السياسة التشريعية المعاصرة على آليات حماية خصوصية البيانات الشخصية للمستهلك الإلكتروني، علاوة على ذلك نستعرض انعكاسات السياسة التشريعية على الحماية الجنائية للمستهلك الإلكتروني من الصور الاستهلاكية الحديثة ووسائل الدفع والتوقيع الإلكتروني وكافة الممارسات الاحتكارية وغيرها من الممارسات التجارية غير المشروعة.