قامت نظرية "التداولية المدمجة" على الأسس التي أرستها نظرية "أفعال الكلام" لـ"جون أوستين" وتلميذه "جون سيرل"، كما قامت حول مقاربة "التلفظ" عند "بنفينست"؛ حيث عمل اللغويان ديكرو وأنسكومبر على فكرة الفصل بين التركيب والدلالة والتداول في الخطاب، كما اختلفت نظرتهما للحجاج عن مقاربة "بيرلمان" و"تيتكا" البلاغية، حيث امتلكت اللغة عندهما سلطة في الحجاج الذي يمثل طريقة معينة تُسلَك في الخطاب تترابط الأقوال فيه ترابطًا استنتاجيًا لا منطقيًا، فموضوع الحجاج في هذه النظرية هو بيان ما يتضمنه القول من قوة حجاجية عن طريق توظيف الآليات اللغوية.
ويعمل هذا البحث على تطبيق بعض أدوات نظرية التداولية المدمجة في بعض مقالات طه حسين، وهي تلك المقالات المجموعة في كتاب "بين بين"، الذي تناول فيه بالنقد قضايا المجتمع المصري السياسية والاجتماعية والثقافية والنفسية، وكتبها بأسلوب أدبي حجاجي، ظهرت فيه أدوات النظرية الحجاجية اللغوية بشكل جليّ، متمثلة في استخدام "الروابط الحجاجية" و"العوامل الحجاجية" التي تُوظف في الخطاب في شكل سلّمي متدرّج، وقام البحث بالوقوف على "المواضع الحجاجية" في تحليله لكل منها.