يهتم المعجم التاريخي للغة العربية برصد دلالات كل كلمة، وترتيبها تاريخيًا وفق أسبقية ورودها فيما أمكن جمعه من مدونة اللغة العربية، وانتهج في ذلك رصد الدلالات متتابعة دون بيان الصلات الدلالية بينها، ودون تحديد أصولها الدلالية، وقد أبقى ذلك الباب مفتوحًا لمزيد من الجهود لاقتراح حلول جديدة لرصد تلك الصلات الدلالية بين الدلالات، وتعيين أصولها المتولّدة منها،  ومن هنا جاءت فكرة البحث،  الذي يأتي في إطار تلك الجهود التي توظف إحدى النظريات اللسانية العرفانية الحديثة وهي نظرية الطراز الموسعة لتفسير توالد الدلالات بعضها من بعض، ورصد ما بينها من علاقات دلالية، وتحديد اتجاهات تطورها الدلالي، وتعيين أصولها المشتقة منها، واقتراح ترتيب لدلالات كل كلمة، يعتمد على منطق تطورها الدلالي، ومقارنته بترتيبها الوارد في المعجم التاريخي، وتفسير ما قد يكون بينهما من اختلافات، ويعتمد البحث في ذلك على تحليل نماذج مختارة من المواد اللغوية في معجم الدوحة التاريخي فيما صدر منه حتى صدور هذا البحث، وقد توصل البحث إلى نتائج منها؛ تفاوت المسارات الدلالية في تطورها معتمدة في هذا على العناصر الدلالية الطرازية ذات التأثير الانتشاري في المقولة، فكثرت تشعباتها وتنوعت علاقاتها الدلالية فكان منها المشابهة، والاشتمالية النوعية، والسببية، والاشتراطية وغيرها مما أسهم في إغناء المقولة دلاليًّا، وحاجة بعض العناصر الدلالية المتباعدة داخل المقولة إلى تقدير بعض الدلالات الوسيطة، لسد ما قد يكون بينها من فجوات دلالية.