ظهرت المواقف الميتا أخلاقية -في صورتها المنهجية المتكاملة- في الفلسفة المعاصرة بوصفها ردًّا على النزعات الطبيعية التي سيطرت على فلسفة الأخلاق لعقودٍ عديدة، وما زالت؛ لذلك تهدف الدراسة باستخدام المنهج التحليلي والمنهج المقارن إلى محاولة الكشف عن التوجهات الميتا أخلاقية عند الفيلسوف البريطاني "ألفريد إيونج"، التي حاول من خلالها التأكيد على أن جُلَّ التصورات الأخلاقية، مثل: الخيرية والصوابية والالتزام والواجب، يمكن أن تُرَدَّ إلى تصور أخلاقي رئيس وهو تصور "الينبغية"، مع محاولة تعريف مفهومي الخيرية والينبغية في ضوء مفهوم الموقف المؤيد أو الملاءمة؛ وذلك لحل الخلافات الناشئة بين الفلاسفة الطبيعيين الذين أصرُّوا على أن التصورات الأخلاقية يمكن تعريفها من خلال مفاهيم مثل: اللذة، والسعادة، والمنفعة، والرغبة، ... إلخ، والفلاسفة غير الطبيعيين الذين أكدوا أنها تصورات بسيطة وفريدة من نوعها، وغير قابلة للتعريف أو التحليل؛ لأنها كيفيات غير طبيعية، كما أنه لا يمكن استنتاجها أو اشتقاقها من مفاهيم أخرى، وهي تدرَك من خلال الحدس المباشر فقط.
وقد استطاع "إيونج" من خلال تحليله لتصور "الينبغية" –فيما ترى الدراسة- أن يقدم رؤية معتدلة عن ميتا الأخلاق، تذهب بعيدا عن الرؤية التقليدية التي قدمها أسلافه ومعاصروه، أمثال: "سدجويك" و"بريتشارد"، و"مور"، و"روس"، و"برود". وللدراسة عدة نتائج، أهمها: الينبغية هي المفهوم الرئيس عند "إيونج"، وترتد إليها الحدود الأخلاقية الأخرى كافة، وهي مفهوم بسيط غير قابل للتحليل، كما أنه رفض اشتقاق التفسيرات الميتافيزيقية والطبيعية للتصورات الميتا أخلاقية؛ وذلك لضمان استقلالية الأخلاق.