تعتبرُ الدراسات الاستراتيجية للدول العظمى" كالولايات المتحدة الأمريكية" أحد أهم الموضوعات في مجال البحث التاريخي، والتي لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب، خاصة في ظل استئثار العلوم السياسية بها، واستقطاب الدراسات الاستراتيجية تحت مظلة الأمن القومي، فالقِرَان بين المجالين يوضح بما لا يدع مكانا للشك - كما في هذا الموضوع – الرؤية الاستراتيجية للإدارة الأمريكية للمنطقة، والأهداف التي ترى ضرورة تحقيقها بالتوازن مع مصالحها، في ضوء رؤية استراتيجية عالمية واسعة النطاق للتحديات والصراعات المحتملة وسيناريوهات الحل.
يعتبر حقل الدراسات الاستراتيجية مجالا أكاديميا فريدا، فهو يهتم في المقام الأول بأسس الصراعات والحروب في العالم بين الأمم المعاصرة والسابقة، فحقل الدراسات الاستراتيجية متداخل مع عدد من التخصصات والعلوم: كالسياسة الدولية والعلوم العسكرية والدراسات الاستشرافية والاقتصاد الدولي والدبلوماسية والتاريخ والجغرافيا، وتتناول تلك الدراسات سياسات الدفاع والأمن والتخطيط بعيد المدى، وكذا أدوار أجهزة الاستخبارات، والتعاون الدولي، والعمل الدبلوماسي وذلك ما جرى تناوله في موضوع الدراسة. فتلك الدراسات لا تتعامل مع متغير واحد أو مع فرع واحد من فروع العلم، ولكن مع عدد من المتغيرات والعلوم بالتوازي إلى أن يتم التفاعل بينهم جميعا في بوتقة واحدة لتحقيق أهداف ومصالح البلاد. وتُعنى الدراسات الاستراتيجية أيضا بمقدرة القيادة السياسية والعسكرية لأمة من الأمم على تحديد مساراتها الحيوية في شتى المجالات، واتخاذ القرارات المصيرية والحاسمة في حياة الأمة ومستقبلها. ولعل ذلك ما يبرز قيمة موضوع الدراسة وأهميته، وذلك لتناوله ذلك المحور الدقيق.
وتهتم الدراسات الاستراتيجية كأحد العلوم الاجتماعية بمجموعة العمليات المسئولة عن وضع الأهداف ومدى القدرة على تحقيقها في إطار المصلحة القومية للبلاد؛ وصياغة استراتيجيات تتيح تحقيق أهدافها التي قامت بوضعها من قبل، وكذلك بناء سياسات أكثر استعدادًا واستباقية في التعامل مع التحديات التي تواجه الأمة سواء في حاضرها أو في المستقبل. واتضح ذلك جليا في جنبات ذلك الموضوع في إطار ما قامت به الولايات المتحدة سواء على مستوى المنطقة التي شكلت منطقة تجهيز وارتقاء أو على مستوى العالم أجمع، وذلك لما قامت به بعد ذلك في تطوير وتغيير في استراتيجيتها العالمية.