يتناول هذا البحث الفيلسوف الألماني هيجل, وهو فيلسوف استثنائي, فقد كان ابن عصره وكل العصور, وهذا قلما يتواجد عند الكثيرين من الفلاسفة, فنظرياته صالحة لكل زمان ومكان مما يؤكد تأكيدًا راسخًا على حيويتها وديمومتها.
وسيظل فكر هيجل هو الابن الشرعي والحقيقي لكافة النظريات الحديثة والمعاصرة, وذلك لأن الفكر الحر والمنفتح والقوي هو بمثابة إضاءة شاملة تضيء عصره وكل العصور, إنه الفيلسوف الديمومي هيجل.
ولذلك فإن النظرة العقلية الفاحصة ستكشف لنا مدى صدق ما سبق قوله .. ولذلك كان سؤالنا هو : هل يمكن أن نعطي نظرة هيجيلية تاريخية تطبيقية معاصرة تصلح للتصالح مع واقعنا المعاصر وتعطي قيمة مستقبلية على واقع هو في أمس الحاجة لحل مشكلاته, بل وطرح طرق لعلاجها وذلك من منطلق معرفة أسبابها ؟ هذا هو السؤال الحقيقي .
إن بحثنا هذا يحاول – قدر الطاقة والإمكان - أن يجيب على هذا السؤال بمضمون فكري مطبق وفعال .. إن الإنسان هو صانع التاريخ.
إن الدراسة في هذا الموضوع تقوم على موقف هيجل من التاريخ وفلسفته ومراحل التاريخ وأقسامه والعقل والتاريخ والدولة.
وقد استخدمت الباحثة في هذا الموضوع الشائك المنهج التحليلي النقدي.
أما بالنسبة لنتائج هذا البحث فهي متعددة الجوانب نذكر منها:
يجب النظر باهتمام بالغ إلى المتلازمة الطبيعية التاريخية عند هيجل .. وأن العقل يحكم العالم والتاريخ بمنظومة إنسانية عقلية . ومن هنا جاءت عقلنة التاريخ .
إذن نحن بصدد الوقوف أمام ثلاثية هيجيلية ( الفكر – الواقع – التاريخ) ومن خلال هذا الربط يمكننا التعرف على مسيرة العقل الإنساني في تطوره المستمر.
يستخدم هيجل المنهج الجدلي في التاريخ بل وتطبيقاته على الحضارة أيضًا, وذلك لأن المنطق الجدلي هو طريق فكري هيجلي, وهيجل يبدأ من الوعي الحقيقي بالآخر.
عند هيجل نجد التاريخ والحرية ثنائية وجود فالإنسان صانع لتاريخه وهي دعوة صادقة من هيجل إلى ترسيخ الحرية والمسئولية المضافة إلى الحرية وهي رؤية معاصرة وفعالة وكفيلة بخلق إنسان حقيقي حر وقادر على التغيير.
هيجل – التاريخ- تطبيقاته المعاصرة – نجد هنا هيجل يطالبنا بالمشاركة في التطور وخلق روح حضارية متجددة .. فقد أصبحت الغاية الأسمى عند هيجل هي بلوغ الإنسان أقصى درجات الحرية دون معوقات.