بالمقارنة بين المباني السكنية المصرية، في بداية القرن السابق وبينها في بداية القرن الحالي، نجد أنها في السابق كانت تضم حدائق خاصة وأفنية داخلية وشرفات عليا ما جعلها تضم بيئة صالحة لقاطنيها. ومع مرور الزمن، زاد التكدس السكني والخدمي، كما تغيرت الأفكار والمتطلبات المعمارية، فبدأ قاطنوا تلك المباني في استغلال الحدائق لعمل امتداد أفقي ورأسي لتوفير المأوى لأفراد العائلة، مع تهيئة الشرفات لتكون حديقة داخلية، والتي ما لبثت أن تحولت بدورها إلى حجرات نظرا للتغيرات الاقتصادية وارتفاع أسعار المباني. من هنا بدأت تفقد المباني مقوماتها البيئية، كما بدأ قاطنيها يشكون من عدم وجود اتصال بالبيئة الطبيعية الخارجية.

مع نهاية الحرب العالمية الأولى بدأ مهندسي اليابان الحديثة في تنفيذ حدائق الأسطح، وأطلق عليها الحدائق اليابانية المعلقة، كما أن الطبيعة الجبلية لليابان هي التي فرضت فكرة هذه الحدائق، بعدها انتقلت الفكرة من اليابان إلى ألمانيا، ومنها إلى باقي دول أوروبا والعالم. وتمتاز هذه الحدائق بأنها بعيدة عن الحشرات الأرضية والضوضاء، بالإضافة إلى نقاء الهواء مع رؤية المناظر الطبيعية من الأعلى وهذا ما لا يمكن توافره بالحدائق الأرضية بالمدن الكبيرة.

من هنا كان دور المصمم الداخلي لإيجاد الحلول البديلة لتأدية الأنشطة الإنسانية بما يحقق توازنا بيئيا للمبنى ويخرج قاطنيه إلى البيئة الطبيعية، فظهرت فكرة الهندسة البيئية لتعني بكل ما من شأنه تأمين سلامة البيئة، والاهتمام بوسائل الحفاظ على تلك السلامة، والتناول الطبيعي لمعالجة المناخ الداخلي بالاعتماد كلية على أنواع الطاقة المتجددة، كذلك توفير المحيط الصحي للإنسان للحفاظ على إنسانيته، فكانت الدعوة إلى العمارة الصديقة للبيئة ومنها ظهرت العمارة الإيكولوجية والشمسية والخضراء والمستدامة والتفاعلية وغيرها.